ابن سيدنا نوح الذي غرق

تذكر العديد من المصادر التاريخيّة أنّ يام -وقيل إنّ اسمه كنعان-؛ هو ابن سيدنا نوح -عليه السلام- الذي رفض الصعود إلى السفينة، وآثر الّلجوء إلى أحد الجبال؛ حتى أغرقه الله -سبحانه- مع المُغرقين، وتذكر المصادر أنّ هذا الابن عمل عملاً غير صالح، فخالف أبوه نوح -عليه السلام- في الدّين والمذهب، فهلك مع الهالكين هو وأمه.[١]


ذكره بالقرآن الكريم

لقد صوّر لنا القرآن الكريم الحوار الذي دار بين سيدنا نوح -عليه السلام- وابنه في مشهد عظيم؛ قال -تعالى-: (وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ* قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء قَالَ لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ).[٢][١]


كما ذكر لنا الكتاب العزيز أنّ سيدنا نوح -عليه السلام- طلب من المولى -سبحانه- نجاة ابنه؛ فأخبره أنّه ليس ممن تجلب له النجاة أو حتى الشفاعة؛ قال -تعالى-: (وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ* قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ* قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ).[٣][٤]


ولهذا استغفر نبي الله -تعالى- من هذا الأمر لمّا تبيّن له، وطلب من ربّه -جلّ وعلا- الغفران؛ فالدافع من ذلك ما كان من الطبيعة البشريّة، التي تقتضي فيه غريزة الأُبوّة الخوف على الأبناء، والحزن على فقدانهم وهلاكهم، وليس من دافع معارضة أمره -جلّ وعلا-، كما أنّ المولى -سبحانه- كان قد وعد نوح -عليه السلام- بنجاة أهله؛ ولكنّ الله -سبحانه- أخرج ابنه هذا من أهل سيدنا نوح المؤمنين، الذي استحقوا النجاة.[٤]


أبناء نوح عليه السلام

ذكر بعض المؤرخين أنّ أبناء نوح -عليه السلام- ثلاثة؛ وهم: سام وهو أبو العرب والروم، يافث وهو أبو الترك، وحام وهو أبو الزنج والقبط؛ وقيل إنّهم ذكروا في الحديث الضعيف، الذي صححه وحسّنه بعض أهل العلم عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (سامُ أبو العربِ، وحامُ أبو الحَبَشِ، ويافِثُ أبو الرُّومِ).[٥][٦]


وذكرت بعض المصنفات أنّ الطوفان الذي عُذّب به قوم نوح المشركين أهلك جميع البشريّة في ذلك الوقت، ولم ينجُ منه إلا الذين حُملوا على السفينة؛ لذا قالوا إنّ البشريّة من بعد ذلك تعود في نسبها وأصلها إلى ذريّة نوح -عليه السلام- من أبنائه الناجين؛ وقد قال -تعالى- مؤكداً على هذا: (وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ)،[٧] وقيل إنّ المؤمنين مع سيدنا نوح -عليه السلام- كانت لهم ذرية مؤمنة، تسببت ببقاء النسل مع أبناء نوح -عليه السلام- لإيمانهم.[٨]

المراجع

  1. ^ أ ب ابن كثير، قصص الأنبياء، صفحة 103، جزء 1. بتصرّف.
  2. سورة هود، آية:42-43
  3. سورة هود، آية:45-47
  4. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، مجلة البحوث الإسلامية، صفحة 147-148، جزء 70. بتصرّف.
  5. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن سمرة بن جندب، الصفحة أو الرقم:3231، حسنه العراقي وصححه محمد جار الله الصعدي.
  6. مرعي الكرمي، مسبوك الذهب في فضل العرب وشرف العلم على شرف النسب، صفحة 30-31. بتصرّف.
  7. سورة الصافات، آية:77
  8. أحمد أحمد غلوش، السيرة النبوية والدعوة في العهد المكي، صفحة 136. بتصرّف.