بعث الله تعالى نوحًا نبيًّا، وكان أوّل الرسل بعد آدم عليهما السلام؛ لهداية الناس إلى عبادته بعدما عمّ الفساد وانتشرت عبادة الأصنام في الأرض، فأخذ نوحٌ -عليه السلام- يدعو قومه إلى ترك عبادة الأصنام، وعبادة الله وحده لا شريك له، قال تعالى: (لَقَد أَرسَلنا نوحًا إِلى قَومِهِ فَقالَ يا قَومِ اعبُدُوا اللَّـهَ ما لَكُم مِن إِلـهٍ غَيرُهُ إِنّي أَخافُ عَلَيكُم عَذابَ يَومٍ عَظيمٍ)،[١] إلّا أنّ قومه استكبروا ولم يؤمنوا له، حتى جاء الأمر من الله تعالى لنوحٍ -عليه السّلام- ببناء السفينة، وكان ذلك مقدّمةً وتمهيدًا لعقاب الكافرين وهلاكهم.[٢][٣]


سفينة نوح عليه السلام

سبب بناء نوحٍ للسفينة

بعد أن لاقى نوحٌ -عليه السلام- أذيَّةً واستكبارًا من قومه، وتيقّن ألّا خير فيهم؛ دعا عليهم بالهلاك وبغضب الله عليهم؛ فاستجاب الله دعاءه، وجاء الأمر من الله تعالى لنوحٍ -عليه السلام- بأن يصنع الفلك؛ أي السفينة، وبعد أن أتّم نوحٌ -عليه السلام- بناء السفينة بوحيٍ من الله تعالى، طلب نوحٌ -عليه السلام- من المؤمنين أن يركبوا السفينة، وحمل فيها من كلّ حيوانٍ وطيرٍ وسائر المخلوقات زوجين اثنين؛ استجابةً لما أمره الله تعالى به كما جاء في قوله تعالى: (فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ).[٤][٥][٦]



صفات سفينة نوحٍ

كانت سفينة نوحٍ كما روى ابن كثيرٍ سفينةً عظيمةً لا مثل لها، وهي معجزةٌ وآيةٌ لأهل الأرض،[٦] ولم ترد نصوصٌ شرعيَّةٌ صحيحةٌ تبيّن أو تذكر صفاتٍ محدَّدةً لسفينة نوحٍ، إلّا أنّ الثابت أنّها آيةٌ من الله تعالى، لا يُقاس عليها سائر السفن؛ لأنّها حملت نوحًا -عليه السلام- ومن آمن معه، وأزواجًا من الحيوانات، وسارت بهم في ظلّ موجٍ عاتٍ كالجبال كما وصفه القرآن الكريم، وهذا غير ممكنٍ لسفينةٍ عاديَّةٍ.[٧]



مصير السفينة ومن عليها

مكث نوحٌ -عليه السلام- في قومه يدعوهم إلى الإسلام تسعمئة وخمسين سنةً، وقد لقي نوح -عليه السلام- من قومه أذى كثيرًا؛ فقد سخِروا منه كما في قوله تعالى: ﴿وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ﴾،[٨] إلى أن حقّ عذاب الله تعالى عليهم؛ فأهلك الله الكافرين بالغرق في الطوفان، وأنجى الله تعالى نوحًا -عليه السّلام- والقلة التي آمنت معه في السفينة، كما جاء في قوله الله تعالى: (فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ)،[٩] وحماهم من الغرق رغم عِظم الطوفان[١٠][١١][١٢] وقد استقرّت سفينة نوحٍ -عليه السلام- على الجوديّ، ومن المفسّرين من ذكر أنّ الجوديّ يقع في منطقةٍ تابعةٍ لتركيا متاخمةٍ للحدود السوريّة العراقيّة، وأنّ بعض الأوائل الأقدمين قد رأوا شيئًا من آثار السفينة وبقاياها، لكنّه لا يُعلم ولا يُجزم اليوم فيما إذا كان قد بقي من آثار السفينة شيءٌ وأين يقع.[١٣]

المراجع

  1. سورة سورة الأعراف ، آية:59
  2. أحمد أحمد غلوش، دعوة الرسل عليهم السلام، صفحة 59-60. بتصرّف.
  3. الإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني، تحفة النبلاء من قصص الأنبياء، صفحة 157. بتصرّف.
  4. سورة المؤمنون، آية:27
  5. شعبان مصطفى قزامل، نوح عليه السلام، صفحة 5-6.
  6. ^ أ ب ابن كثير، البداية والنهاية، صفحة 237.
  7. "سفينة نوح آية ومعجزة لا يقاس أمرها بالعقل المجرد"، إسلام ويب، 24/09/2014، اطّلع عليه بتاريخ 13/12/2021. بتصرّف.
  8. سورة هود، آية:38
  9. سورة العنكبوت، آية:15
  10. إسلام ويب (19/12/2014)، "عمر نوح عليه السلام "، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 13/9/2021. بتصرّف.
  11. مجموعة من المؤلفين، موسوعة سفير للتاريخ الإسلامي، صفحة 353. بتصرّف.
  12. د. أمين الدميري (5/3/2014)، "فقه التدرج في دعوة نوح عليه السلام"، شبكة الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 13/9/2021.
  13. "أين توجد سفينة نوح عليه السلام"، إسلام ويب، 02/02/2000، اطّلع عليه بتاريخ 13/12/2021. بتصرّف.