ما هي معجزة النبي يوسف؟

تأويل الرؤى

كان يوسف -عليه الصلاة والسلام- يعلم بتأويل الرؤى، فحينما دخل السجن فسّر رؤيا الفتيان اللذان كانا معه في السجن، فقد رأى أحدهما أنّه يعصر العنب ليصبح خمراً، ورأى الآخر أنّه يحمل على رأسه خبزاً تأكل الطير منه، قال -تعالى-: (وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجنَ فَتَيانِ قالَ أَحَدُهُما إِنّي أَراني أَعصِرُ خَمرًا وَقالَ الآخَرُ إِنّي أَراني أَحمِلُ فَوقَ رَأسي خُبزًا تَأكُلُ الطَّيرُ مِنهُ نَبِّئنا بِتَأويلِهِ إِنّا نَراكَ مِنَ المُحسِنينَ)،[١] وفسّر يوسف رؤية عصر الخمر بأنّ مَن رآها سيخرج من السجن ويكون ساقي الملك، وقد طلب منه أنّ يذكره عند سيّده علّه يخرج من السجن، ورؤية أكل الطير من الخبر الموضوع على رأس الرائي ففسّرها بالموت والصلب، قال -تعالى-: (يا صاحِبَيِ السِّجنِ أَمّا أَحَدُكُما فَيَسقي رَبَّهُ خَمرًا وَأَمَّا الآخَرُ فَيُصلَبُ فَتَأكُلُ الطَّيرُ مِن رَأسِهِ قُضِيَ الأَمرُ الَّذي فيهِ تَستَفتِيانِ*وَقالَ لِلَّذي ظَنَّ أَنَّهُ ناجٍ مِنهُمَا اذكُرني عِندَ رَبِّكَ فَأَنساهُ الشَّيطانُ ذِكرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجنِ بِضعَ سِنينَ).[٢][٣][٤]


أنسى الشيطان الفتى الذي أصبح ساقي الملك ذكر يوسف، إلى حين أن رأى الملك رؤيا لم يستطع أحدٌ تفسيرها إلّا يوسف، إذ رأى سبع بقراتٍ نحيلاتٍ يأكلن سبع بقرات سمينات، ورأى أيضاً سبع سنبلات خضر ومثلهنّ يابسات، وفسّرها يوسف بأنّ البلاد ستحلّ عليها سبع سنواتٍ متواليةٍ خصبةٍ وأنّه لا بدّ من ترك حصاد الثمار وأخذ قدر الحاجة منه، إذ ستُصاب البلاد بسبع سنواتٍ أخرى من الجدب ولا تتأثّر به لأنّ المؤونة متوفّرة من السبع سنوات السابقة، ثمّ سيحلّ الخير وتحلّ النِّعم على البلاد كلّها، قال -تعالى-: (يوسُفُ أَيُّهَا الصِّدّيقُ أَفتِنا في سَبعِ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأكُلُهُنَّ سَبعٌ عِجافٌ وَسَبعِ سُنبُلاتٍ خُضرٍ وَأُخَرَ يابِساتٍ لَعَلّي أَرجِعُ إِلَى النّاسِ لَعَلَّهُم يَعلَمونَ*قالَ تَزرَعونَ سَبعَ سِنينَ دَأَبًا فَما حَصَدتُم فَذَروهُ في سُنبُلِهِ إِلّا قَليلًا مِمّا تَأكُلونَ*ثُمَّ يَأتي مِن بَعدِ ذلِكَ سَبعٌ شِدادٌ يَأكُلنَ ما قَدَّمتُم لَهُنَّ إِلّا قَليلًا مِمّا تُحصِنونَ*ثُمَّ يَأتي مِن بَعدِ ذلِكَ عامٌ فيهِ يُغاثُ النّاسُ وَفيهِ يَعصِرونَ)،[٥] فكان تفسير يوسف لرؤيا الملك سبباً في خروجه من السجن، وقُربه من الملك؛ إذ أصبح معاونه في إدارة شؤون الدولة.[٣][٤]


إعادة بصر أبيه

فَقَدَ يعقوب والد يوسف -عليهما الصلاة والسلام- بصره؛ بسبب شدّة حُزنه على فراق ابنه، قال -تعالى-: (وَتَوَلّى عَنهُم وَقالَ يا أَسَفى عَلى يوسُفَ وَابيَضَّت عَيناهُ مِنَ الحُزنِ فَهُوَ كَظيمٌ)،[٦] وبعد أن التقى يوسف بإخوته بعد مدةٍ من الزمن فأرسل معهم قميصه ليجعلوه على عيني أبيهم فعاد بصره إليه، قال -تعالى-: (اذهَبوا بِقَميصي هـذا فَأَلقوهُ عَلى وَجهِ أَبي يَأتِ بَصيرًا وَأتوني بِأَهلِكُم أَجمَعينَ).[٧][٨]


تحقق الرؤيا ولقاء الأهل

رأى يوسف -عليه الصلاة والسلام- في منامه أحد عشر كوكباً والشمس والقمر يسجدون له، قال -تعالى-: (إِذ قالَ يوسُفُ لِأَبيهِ يا أَبَتِ إِنّي رَأَيتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوكَبًا وَالشَّمسَ وَالقَمَرَ رَأَيتُهُم لي ساجِدينَ)،[٩] فتحقّقت الرؤيا بعد أن أصبح يوسف معاوناً للملك، فقد دخل عليه إخوته ووالديه وسجدوا له سجود تكريم وليس سجود عبادةٍ، وكان ذلك مشروعاً عندهم، قال -تعالى-: (وَرَفَعَ أَبَوَيهِ عَلَى العَرشِ وَخَرّوا لَهُ سُجَّدًا وَقالَ يا أَبَتِ هـذا تَأويلُ رُؤيايَ مِن قَبلُ قَد جَعَلَها رَبّي حَقًّا وَقَد أَحسَنَ بي إِذ أَخرَجَني مِنَ السِّجنِ وَجاءَ بِكُم مِنَ البَدوِ مِن بَعدِ أَن نَزَغَ الشَّيطانُ بَيني وَبَينَ إِخوَتي إِنَّ رَبّي لَطيفٌ لِما يَشاءُ إِنَّهُ هُوَ العَليمُ الحَكيمُ).[١٠][٨]


المراجع

  1. سورة يوسف، آية:36
  2. سورة يوسف، آية:41-42
  3. ^ أ ب وهبة الزحيلي، التفسير الوسيط، صفحة 1109-1111. بتصرّف.
  4. ^ أ ب صلاح الخالدي، التفسير والتأويل في القرآن، صفحة 59. بتصرّف.
  5. سورة يوسف، آية:46-49
  6. سورة يوسف، آية:84
  7. سورة يوسف، آية:93
  8. ^ أ ب سيد مبارك، معجزات الأنبياء والرسل، صفحة 55-59. بتصرّف.
  9. سورة يوسف، آية:4
  10. سورة يوسف، آية:100