سبب سجود إخوة يوسف له

سجد إخوة يوسف -عليه الصلاة والسلام- له سجود تحيةٍ وتكريمٍ وليس سجود تعظيمٍ، مع الإشارة إلى أنّه كان جائزاً في شريعتهم ودِينهم، ثمّ حرّم في شريعة الإسلام التي جاء بها خاتم الأنبياء والمرسلين محمدٌ -صلّى الله عليه وسلّم-، فقد حرّم الإسلام السجود لغير الله مهما اختلفت الغاية من السجود ولو كان تحيةً وتكريماً، وممّا يدلّ على ذلك نهي النبيّ -عليه الصلاة والسلام- معاذ بن جبل عن السجود له حينما ذكر له أنّ أهل الكتاب يسجدون لكبرائهم وعظمائهم، ثمّ قال له: (لو كنتُ آمرًا أحدًا أن يسجُدَ لأحدٍ ، لأمرتُ المرأةَ أن تسجُدَ لزوجِها)،[١] وحرّم الإسلام السجود لغير الله صورةً من صور كمالها في توحيد الله -سبحانه-،[٢] وقد ذكر ابن كثير -رحمه الله- أنّ سجود إخوة يوسف وأبويه له كان عادةً في ذلك الزمان، ثمّ حرّمه الإسلام وإن اختلفت الغاية منه، سواءً كان للتبرّك أو العبادة أو التكريم، وقال الإمام الطبريّ -رحمه الله-: "حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدا قال: قال ذلك السجود تشرفةً، كما سجدت الملائكة لآدم تشرفةً ليس بسجود عبادة، وإنّما عنى من ذكر بقوله: إنّ السجود كان تحيةً بينهم، أنّ ذلك كان منهم على الخُلُق لا على وجه العبادة من بعضهم لبعضٍ، وممّا يدلّ على أنّ ذلك لم يزل من أخلاق الناس قديماً على غير وجه العبادة من بعضهم لبعضٍ".[٣]


رؤيا يوسف عليه السلام

رأى نبيّ الله يوسف -عليه الصلاة والسلام- في المنام أنّ الشمس والقمر والكواكب يسجدون له، وأخبر بها أباه يعقوب -عليه الصلاة والسلام-، قال -تعالى-: (إِذ قالَ يوسُفُ لِأَبيهِ يا أَبَتِ إِنّي رَأَيتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوكَبًا وَالشَّمسَ وَالقَمَرَ رَأَيتُهُم لي ساجِدينَ)،[٤] وطلب يعقوب من ولده يوسف ألّا يُخبر إخوته بما رأى؛ خوفاً عليه من وساوس الشيطان لهم، قال -تعالى-: (قالَ يا بُنَيَّ لا تَقصُص رُؤياكَ عَلى إِخوَتِكَ فَيَكيدوا لَكَ كَيدًا إِنَّ الشَّيطانَ لِلإِنسانِ عَدُوٌّ مُبينٌ)،[٥] وفسّر يعقوب -عليه الصلاة والسلام- رؤيا ابنه يوسف بأنّ الشمس أمّه والقمر أبوه والكواكب إخوته، وأنّهم كلّهم سيسجدون له سجود تكريمٍ وتحيةٍ بعد تبدّل الأحوال والظروف وتغيّرها، ثمّ تحقّقت بالفعل، فسجدوا جميعاً ليوسف -عليه الصلاة والسلام- بعد أن نال الحُكم في مصر والمكانة في الدنيا، قال الله -تعالى-: (فَلَمّا دَخَلوا عَلى يوسُفَ آوى إِلَيهِ أَبَوَيهِ وَقالَ ادخُلوا مِصرَ إِن شاءَ اللَّـهُ آمِنينَ*وَرَفَعَ أَبَوَيهِ عَلَى العَرشِ وَخَرّوا لَهُ سُجَّدًا وَقالَ يا أَبَتِ هـذا تَأويلُ رُؤيايَ مِن قَبلُ قَد جَعَلَها رَبّي حَقًّا وَقَد أَحسَنَ بي إِذ أَخرَجَني مِنَ السِّجنِ وَجاءَ بِكُم مِنَ البَدوِ مِن بَعدِ أَن نَزَغَ الشَّيطانُ بَيني وَبَينَ إِخوَتي إِنَّ رَبّي لَطيفٌ لِما يَشاءُ إِنَّهُ هُوَ العَليمُ الحَكيمُ).[٦][٧]


المراجع

  1. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1159، صحيح.
  2. محمد صالح المنجد (26/5/2000)، "ما معنى سجود الملائكة لآدم وسجود إخوة يوسف له"، إسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 23/11/2021. بتصرّف.
  3. ملتقى أهل الحديث، أرشيف ملتقى أهل الحديث، صفحة 408. بتصرّف.
  4. سورة يوسف، آية:4
  5. سورة يوسف، آية:5
  6. سورة يوسف، آية:99-100
  7. حسام بن عبدالعزيز الجبرين (1/5/2010)، "قصة يوسف عليه السلام (1)"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 23/11/2021. بتصرّف.