مكان حرق إبراهيم عليه السلام

تناول القرآن الكريم مواقف عدَّة من حياة إبراهيم -عليه السلام- ودعوته لقومه، ومن أبرز هذه المواقف: قيام قومه بإحراقه بعد أن حطّم أصنامهم، وأمّا عن مكان إحراقهم له؛ فلم يأتِ نصٌّ من القرآن الكريم أو السنّة النبويّة على ذكر مكان إحراقه تحديدًا، إلّا أنّ المعروف أنّ إبراهيم -عليه السلام- كانت بداية دعوته لقومه في موطنه: كوثى، وهي منطقة تابعة لبابل في العراق،[١] وممّا أشار إليه بعض المؤرّخين؛ أنّ قومه حين أحرقوه، بنوا حاجزًا كالحوش، في سفح جبلٍ عالٍ، وجمعوا حطبًا كثيرًا، وأوقدوا نارًا عظيمةً على رأس الجبل، وألقوا بها إبراهيم -عليه السلام-،[٢] وأشار بعضهم إلى أنّ إحراق إبراهيم -عليه السلام- كان أمام أصنام قومه التي حطمها.[٣]


قصّة حرق النبيّ إبراهيم

سبب إحراق إبراهيم

تآمر قوم إبراهيم -عليه السلام- عليه، وقرّروا إحراقه؛ وذلك بعد أن أقدم إبراهيم -عليه السلام- على تحطيم الأصنام أثناء غيابهم، وعلّق الفأس الذي حطّمها به على الصنم الكبير؛ ليحاججهم به، فبعد أن نفدت كلّ وسائله -عليه السلام- في دعوة قومه، من الإقناع والمجادلة الحسنة، وإقامة الحجَّة والبراهين عليهم، لجأ إبراهيم -عليه السلام- إلى تحطيم الأصنام، ولمّا عاد قومه ووجدوها كذلك، تساءلوا بينهم عن الفاعل، فذكر بعضهم أنّه سمع إبراهيم -عليه السلام- يتوعّدهم ويذكر أصنامهم بسوءٍ.[٤]


وأحضر القوم إبراهيم -عليه السلام- وسألوه إن كان هو من فعل ذلك بأصنامهم؛ فكان ردّ إبراهيم -عليه السلام- محرجًا لهم كما جاء في قوله تعالى: (قالَ بَل فَعَلَهُ كَبيرُهُم هـذا فَاسأَلوهُم إِن كانوا يَنطِقونَ* فَرَجَعوا إِلى أَنفُسِهِم فَقالوا إِنَّكُم أَنتُمُ الظّالِمونَ* ثُمَّ نُكِسوا عَلى رُءوسِهِم لَقَد عَلِمتَ ما هـؤُلاءِ يَنطِقونَ)؛[٥] وتنبّه قوم إبراهيم -عليه السلام- من جوابه لهم إلى ضلال ما يعبدون من دون الله، وأنّ هذه الأصنام لم تستطع دفع الضر عن نفسها، إلّا أنّهم سرعان ما عادوا إلى ضلالهم، وقرّروا إحراق إبراهيم -عليه السلام-؛ نُصرةً لآلهتهم من الأصنام.[٤]


نجاة النبيّ إبراهيم من الحرق

أوقد قوم إبراهيم -عليه السلام- نارًا عظيمةً، وألقوه في النار؛ انتقامًا منه -عليه السلام- وانتصارًا لآلهتهم، فأراد الله -تعالى- أن يجري معجزته؛ حمايةً لإبراهيم -عليه السلام-، وتأكيدًا على صدق دعوته، فسلب من النار قدرتها على الإحراق، ولم يُصب إبراهيم -عليه السلام- منها بأذىً؛ إذ أمر الله -تعالى- النار بأن تكون بردًا وسلامًا عليه، كما جاء في قوله تعالى: (قُلنا يا نارُ كوني بَردًا وَسَلامًا عَلى إِبراهيمَ).[٦][٣]


دروسٌ وعبر من قصّة حرق إبراهيم

إنّ في قصّة محاولة حرق قوم إبراهيم -عليه السلام- له دروسًا وفوائد عظيمةً، وفيما يأتي ذكر جملةٍ منها:

  • قدرة الله تعالى: حيث نزع الله -تعالى- بقدرته وقوّته قدرة النار على الإحراق، رغم أنّ الإحراق من خصائصها، ولم تؤذِ إبراهيم -عليه السلام-.[٣]
  • الصبر والاحتساب لله: وهما صفتنا لا بُد أنذ يتحلّى بهما كلّ داعيةٍ؛ فقد صبر إبراهيم -عليه السلام- على تكذيب قومه وإيذائه، حتّى بلغ إيذاؤهم له إلى أن ألقوه في النار، لكنّه احتسب إلى الله -تعالى-، كما جاء في قول ابن عباسٍ -رضي الله عنهما-: (حَسْبُنَا اللَّهُ ونِعْمَ الوَكِيلُ، قالَهَا إبْرَاهِيمُ عليه السَّلَامُ حِينَ أُلْقِيَ في النَّارِ، وقالَهَا مُحَمَّدٌ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حِينَ قالوا: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}).[٧][٨]

المراجع

  1. أحمد أحمد غلوش، دعوة الرسل عليهم السلام، صفحة 107. بتصرّف.
  2. شهاب الدين الأبشيهي، المستطرف في كل فن مستطرف، صفحة 317. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت أحمد عمر أبو شوفة، المعجزة القرآنية حقائق علمية قاطعة، صفحة 23-24. بتصرّف.
  4. ^ أ ب أحمد أحمد غلوش، دعوة الرسل عليهم السلام، صفحة 129-133. بتصرّف.
  5. سورة الأنبياء، آية:63-65
  6. سورة إبراهيم، آية:69
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:4563 ، صحيح.
  8. "بعض الدروس المستفادة من حياة نبي الله إبراهيم عليه السلام"، طريق الإسلام، 4/4/2014، اطّلع عليه بتاريخ 9/8/2022. بتصرّف.