قصة نبي الله إبراهيم

إن حياة نبي الله إبراهيم -عليه السلام- ودعوته فيها العديد من القَصص والأحداث التي يُستفاد منها والتي ذُكرت في سور القرآن الكريم، كقصته مع أبيه، ومع قومه، ومع النمرود، ومع الملائكة، وقصته في بناء الكعبة، وهجرته، وغير ذلك، وفيما يلي ذكر أبرزها على سبيل الإجمال:


قصة إبراهيم مع أبيه

بدأ إبراهيم -عليه السلام- بدعوة أبيه؛ فكان من عبدة الأصنام، حيث كان ينحتها ويبيعها، فخصّه النبي إبراهيم -عليه السلام- بالنصيحة، ودعاه بكل لطفٍ واحترامٍ ورفقٍ، فقال هل: (إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا* يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا)،[١] فما كان من أبيه إلا ردّه بقسوةٍ وإعراض، وهدده بالرجم والهجر، فقال: (قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ ۖ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ ۖ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا)،[٢] فما كان من إبراهيم -عليه السلام إلا أن تركه، ووعده بالاستغفار له، ورجاء الله -تعالى- أن يهديه، فقال: (قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ ۖ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي ۖ إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا)،[٣] إلا أنه بعدما تبين لإبراهيم أن أباه عدو لله تبرأ منه واعتزله وتوقف عن الاستغفار له.[٤]


قصة إبراهيم مع قومه

دعا إبراهيم عليه السلام قومه في العراق إلى عبادة الله وحده وترك عبادة الأوثان التي لا تنفع ولا تضر، وكان قومه منهم من يعبد الأصنام، ومنهم من يعبد الكواكب، وقيل إنهم كانوا يعبدون الكواكب ويصوّرون أصناماً على صورها يعبدونها ويعكفون عليها،[٥] فأراد إبراهيم أن يحرّر قومه من عبادة الأصنام، ويخلصهم من الخرافات والأساطير، فبيّن لهم أن معبوداتهم مصنوعة بأيديهم، وأن الله -سبحانه وتعالى- هو الإله الحق، إلا أن قومه تمسكوا بضلالهم ومعتقداتهم، وبقوا على عنادهم.[٦]


فأراد إبراهيم أن يبيّن لهم بالبرهان العملي، ويثبت عجز الأصنام عملياً، فقام بتكسير أصنامهم بعد خروج قومهم، وقطعها جذاذاً إلا كبيرهم تركه، لعلهم يسألونه عمن فعل ذلك، فلما عاد قومه ورأوا أنّ أصنامهم قد تحطّمت، ذهبوا إلى إبراهيم كي يسألوه عن ذلك، فقال لهم إبراهيم: (قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَٰذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ)،[٧] فعجزوا عن الرد، واعترفوا بضعف أصنامهم، فقال لهم إبراهيم: (قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ* أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ ۖ أَفَلَا تَعْقِلُونَ).[٨][٩]


فلجؤوا إلى استعمال القوة، وألقوه في النار، فقالوا: (قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ)،[١٠] إلا أن الله -تعالى- نجّاه، وجعلها عليه برداً وسلاماً، وأبطل كيد أعدائه، فقال -تعالى-: (قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ* وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ).[١١][٩]


وأراد إبراهيم -عليه السلام- بطلان ألوهية الكواكب كما فعل مع عبدة الأصنام، فقام بمحاججتهم، وجدالهم، فسألهم عن الكوكب الذي ظهر له إن كان هو إلهه، ثمّ لمّا غاب الكوكب قال لهم إنّ الإله لا يغيب، وكرَّر ذلك مع كلٍّ من الشمس، والقمر، إلا أنهم أصروا على موقفهم، واستمروا في ضلالهم.[١٢]


قصة إبراهيم مع النمرود

ناظر إبراهيم -عليه السلام- ملك بابل واسمه النمرود، وكان ملكاً جباراً متمرداً، ادعى لنفسه الربوبية، فأبطل إبراهيم دعواه بأسلوب المناظرة، وهو ما ذكر الله في كتابه في سورة البقرة، حيث ناظره بقدرة الله على الإحياء والإماتة، فردّ عليه النمرود بقدرته على ذلك، فجاء برجلين حُكِم على كليهما بالقتل، فقام بقتل أحدهما وعفا عن الآخر، فهو بذلك أحيا واحد وأمات الآخر، وهذا خارج عن مقام المناظرة.[١٣]


فأعطاه إبراهيم دليلاً آخر على قدرة الله في تسخير الشمس أنها تطلع وتشرق من المشرق، فتحداه أن يأتي بها من المغرب، إلا أن النمرود أضعف من أن يأتي بذلك، فتبيّن ضلاله وكذبه فيما ادعاه، ولم يبق له كلام، فبهت وسكت.[١٣]


المراجع

  1. سورة مريم، آية:42-43
  2. سورة مريم، آية:46
  3. سورة مريم، آية:47
  4. عثمان الخميس، فبهداهم اقتده، صفحة 117-119. بتصرّف.
  5. "دعوة إبراهيم عليه السلام في القرآن"، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 25/7/2022. بتصرّف.
  6. "إبراهيم عليه السلام"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 25/7/2022. بتصرّف.
  7. سورة الأنبياء، آية:63
  8. سورة الأنبياء، آية:66-67
  9. ^ أ ب أحمد أحمد غلوش، دعوة الرسل عليهم السلام، صفحة 126-132. بتصرّف.
  10. سورة الأنبياء، آية:68
  11. سورة الأنبياء، آية:69-70
  12. أحمد أحمد غلوش، دعوة الرسل عليهم السلام، صفحة 133-137. بتصرّف.
  13. ^ أ ب ابن كثير، قصص الأنبياء، صفحة 187-189. بتصرّف.