النبيّ يونس

هو نبيّ الله -تعالى- يونس بن متّى، وقيل متّى هو أبوه، ومن العلماء من قال إنّ متّى هو اسم أمّه، ويونس من أبناء يعقوب -عليهما السّلام- إلّا أنّ الله -تعالى- لم يرسله نبيًّا إلى بني إسرائيل، بل أرسله إلى الآشوريين الذين تنسب إليهم الحضارة الآشورية، وكانت بداية دعوته لهم في عاصمتهم مدينة نينوى، وقد جاء القرآن الكريم على ذكر قصّة يونس في أكثر من موطن، وذكر اسمه صراحةً في أربعة مواطن منها قوله -تعالى-: (وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ)،[١] كما سمّيت إحدى سور القرآن باسمه، وجاء ذكره في السنّة النبويّة في قول النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام-: (ما يَنْبَغِي لأحَدٍ أنْ يَكونَ خَيْرًا مِن يُونُسَ بنِ مَتَّى).[٢][٣][٤]


الشجرة التي أنبتها الله لنبيه يونس

جاء في القرآن الكريم بيانٌ لقصة يونس -عليه السّلام- بعد أن خرج غاضباً من قومه وركب البحر تاركاً إياهم؛ فألقي في البحر وابتلعه الحوت، وبعد أن لفظه الحوت برحمة الله -تعالى-، طُرح يونس وألقي على شاطئ لا شجر فيه، وكان سقيماً؛ لأنّ المُكث في بطن الحوت أضرّ بجسمه، وشاء الله -تعالى- أن ينبت على يونس -عليه السّلام- في ذلك المكان الذي لا شجر فيه شجرة يقطينٍ، أوراقها كثيرةٌ وأغصانها متسلّقةٌ؛ فأظلّت يونس وكسته، واقتات من ثماره، قال الله -تعالى-: (فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ* فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ* لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ* فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ* وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ).[٥][٦]


دعوة يونس عليه السّلام

كان قوم يونس -عليه السّلام- عبدةً للأصنام؛ فأرسل الله لهم يونس لدعوتهم إلى الإيمان بالله -تعالى- وتوحيده، إلّا أنّهم كذبوه وعاندوا، فتوعّدهم بالعذاب وخرج تاركًا لهم، فلمّا رأى قوم يونس بوادر وإشارات العذاب، بكوا وتضرّعوا إلى الله -تعالى- وآمنوا؛ فكشف الله عنهم العذاب، كما جاء في قوله -تعالى-: (فَلَولا كانَت قَريَةٌ آمَنَت فَنَفَعَها إيمانُها إِلّا قَومَ يونُسَ لَمّا آمَنوا كَشَفنا عَنهُم عَذابَ الخِزيِ فِي الحَياةِ الدُّنيا وَمَتَّعناهُم إِلى حينٍ)،[٧] وحين بلغ يونس أنّ قومه لم يُعذّبوا غضب، ولم يكن يعلم أنّهم آمنوا، ذهب متجهًا صوب البحر، وركب السفينة مسافرًا، وعلا الموج والسفينة في وسط البحر؛ فقرّر راكبوها أن يجروا قرعةً ويلقوا من تقع عليه القرعة في البحر؛ ليخفّفوا من ثقل الحِمل في السفينة، ووقعت القرعة على يونس -عليه السّلام- وألقي في البحر؛ فابتلعه الحوت، وأخذ يتضرّع إلى الله في ظلمة بطن الحوت ويقول: (لَّا إِلَـهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)،[٨] فنجّاه الله -تعالى-، وأخرجه من بطن الحوت، قال -تعالى-: (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ)،[٩] فلولا رحمة الله -تعالى- بيونس وتسبيحه واستغفاره للبث في بطن الحوت كما جاء في قوله -تعالى-: (فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ* لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ).[١٠][١١][٤]


المراجع

  1. سورة الصافات، آية:139
  2. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:4804، صحيح.
  3. سبط ابن الجوزي، مرآة الزمان في تواريخ الأعيان، صفحة 278-279. بتصرّف.
  4. ^ أ ب أحمد أحمد غلوش، دعوة الرسل عليهم السلام، صفحة 254-260. بتصرّف.
  5. سورة الصافات، آية:142-146
  6. ابن عاشور، التحرير والتنوير، صفحة 177. بتصرّف.
  7. سورة يونس، آية:98
  8. سورة الأنبياء، آية:87
  9. سورة الأنبياء، آية:88
  10. سورة الصافات، آية:143-144
  11. ابن كثير، البداية والنهاية، صفحة 16-21. بتصرّف.