جاء القرآن الكريم على ذكر يونس -عليه السلام-، وقصّته في بطن الحوت بعد أن ابتلعه، ثمّ لفظه فأنجاه الله -تعالى-، ومنّ عليه بإيمان قومه، وفيما يأتي تفصيلٌ لقصّة يونس مع الحوت: لماذا ابتلعه، وكم لبث في بطنه، وكيف أنجى الله -تعالى- يونس، وما الدروس التي يمكن أن نستفيدها من قصّته -عليه السلام-؟


لماذا ابتلع الحوت يونس؟

أورد العلماء والمفسّرون في تفسيرهم لقول الله -تعالى-: (فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ)،[١] أقوالًا حول سبب التقام الحوت ليونس -عليه السلام-، ومن تفسيراتهم وأقوالهم ما يأتي:[٢]

  • أنّ ابتلاع الحوت ليونس كان لومًا وعتابًا من الله -تعالى- له -عليه السلام-، بعد أن ترك قومه دون أن يأذن الله -تعالى- له بذلك، وخرج غاضبًا منهم؛ لعدم إيمانهم، فأمر الله -تعالى- الحوت بأن يبتلعه دون أن يكسر له عظمه أو ينهش لحمه أو يؤذيه.[٣]
  • أنّ الحوت ابتلع يونس -عليه السلام-، وأخرجه الله -تعالى- سالمًا بأمر الله -تعالى-؛ ليكون ذلك معجزةً ليونس -عليه السلام-.
  • أنّ ابتلاع الحوت ليونس -عليه السلام- كان من قبيل الابتلاء؛ فالله -تعالى- يبتلي أنبياءه والصالحين من عباده.


كم لبث يونس في بطن الحوت؟

تعدّدت الروايات حول المدّة التي لبثها يونس -عليه السلام- في بطن الحوت قبل أن يمنّ الله -تعالى- عليه بالنجاة والخروج منه بلفظ الحوت له، ومن الروايات التي أوردها ابن كثير في مدّة لبث يونس -عليه السلام- في الحوت؛ أنّه مكث في بطنه ثلاثة أيَّامٍ، وقيل سبعة أيَّامٍ، وقيل أربعين يومًا، ونُقل عن الشعبيّ أنّ الحوت ابتلع يونس -عليه السلام- وقت الضحى ولفظه وقت العشاء.[٢]


كيف أنجى الله يونس؟

بعد أن ابتلع الحوتُ يونسَ -عليه السلام-، لبث -عليه السلام- يذكر الله -تعالى- ويستغفره ويدعوه، قال الله -تعالى-: (وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَـهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)،[٤] وبعد لجوء يونس -عليه السلام- لله -تعالى-، واعترافه بقصوره وضعفه؛ فأمر الله -تعالى- الحوت أن يلفظ يونس -عليه السلام-؛[٥] فألقاه على جزيرةٍ، وكان ضعيفًا متعبًا، فأنبت الله -تعالى- عليه شجرةً من يقطين، وعادت له عافيته بعدها، ثمّ أعاده الله -تعالى- إلى قومه؛ فآمنوا له: (وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ* فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ).[٦][٧]


ما هي العبر المستفادة من قصّة يونس مع الحوت؟

اشتملت قصّة يونس -عليه السلام- مع الحوت -كغيرها من قصص القرآن الكريم على عبرٍ عدَّةٍ يمكن للمسلم أن يستفيد منها في حياته، ومنها:[٧]

  • الصبر ضروريٌّ لكلّ مسلمٍ: إنّ على كلّ مسلمٍ أن يتخلّق بالصبر على كلّ ما يلقاه ويواجهه في الحياة؛ فقد لام الله -تعالى- يونس لتركه لقومه وعدم صبره عليهم، وكان صبره وعدم سخطه وهو في بطن الحوت سببًا في نجاته.
  • اللجوء إلى الله -تعالى- نجاةٌ: كان تسبيح يونس -عليه السلام- في بطن الحوت، وذكره لله -تعالى- سببًا في حفظ الله -تعالى- له ونجاته منه، قال تعالى: (فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ* لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ).[٨]

المراجع

  1. سورة الصافات، آية:142
  2. ^ أ ب سعيد حوى، الأساس في التفسير، صفحة 4732. بتصرّف.
  3. ابن خمير السبتي، تنزيه الأنبياء عما نسب إليهم حثالة الأغبياء، صفحة 118. بتصرّف.
  4. سورة الأنبياء، آية:87
  5. محمد خليل ملكاوي، عقيدة التوحيد في القرآن الكريم، صفحة 219-220. بتصرّف.
  6. سورة الصافات، آية:147-148
  7. ^ أ ب أحمد أحمد غلوش، دعوة الرسل عليهم السلام، صفحة 260-262. بتصرّف.
  8. سورة الصافات، آية:143-144