أرسل الله -تعالى- رسله وأنبياءه؛ لإقامة دينه ودعوة الناس إلى التوحيد، ولترسيخ مكارم الأخلاق في نفوس الناس، وجعل الله -تعالى- الإيمان بالرسل والأنبياء أصلًا من أصول الإيمان وركناً من أركانه، وقد بثّ الله -تعالى- في القرآن الكريم قصصاً ومواقف لعددٍ من الأنبياء والرسل،[١][٢] وتالياً حديثٌ عن قصّة النبي الذي افتداه الله بذبحٍ عظيمٍ.


النبيّ الذي فداه الله بذبحٍ عظيمٍ

النبيّ الذي افتداه الله -تعالى- بذبحٍ عظيمٍ؛ هو إسماعيل ابن نبي الله إبراهيم -عليهما السّلام-، ولُقّب إسماعيل بعدها بذبيح الله، والذبح العظيم الذي افتدى الله -تعالى- به إسماعيل هو كبشٌ من الغنم سمين، وتفصيل ذلك أنّ نبي الله إبراهيم -عليه السّلام- كان قد أرسل ابنه إسماعيل وهو رضيعٌ مع أمّه هاجر -عليهما السّلام- إلى مكّة وتركهم ليسكنوا فيها، ولم يكن فيها ماء ولا سكّانٌ، ولكنّ الله أكرم هاجر وابنها بأن أخرج نبع ماء زمزم بعد أن سعت هاجر بحثاً عن الماء بين الصفا والمروة، ووفد إليهم جماعةٌ من الناس وأقاموا عندهم، فنشأ إسماعيل في مكّة المكرّمة وشبّ فيها، وكان والده إبراهيم -عليه السّلام- يرتحل إليهم بين فترةٍ وأخرى ليطمئن عليهم، وفي إحدى زياراته لهم رأى في منامه أنّه يذبح ولده إسماعيل؛ ورؤيا الأنبياء حقٌّ من الله كما روي عن النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- قوله: (إنَّ رُؤْيَا الأنْبِيَاءِ وحْيٌ)،[٣] فأخبر إبراهيم ابنه إسماعيل -عليهما السّلام- بما رأى، فسلّم إسماعيل لأمر الله -تعالى-، وطلب من والده أن يفعل ما أمره الله به، فأخذ إبراهيم ابنه إسماعيل إلى المنحر في مِنى، وأضجعه وأخذ السكين بيده، ثمّ كانت رحمة الله -تعالى- بهما بأن افتدى إسماعيل بكبشٍ ذبحه إبراهيم -عليه السّلام- بدلًا من ابنه، وأورد الله -تعالى- قصّتهما هذه في قوله: (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّـهُ مِنَ الصَّابِرِينَ*فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ*وَنَادَيْنَاهُ أَن يَا إِبْرَاهِيمُ*قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ*إِنَّ هَـذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ* وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ).[٤][٥]


تعريفٌ بإسماعيل عليه السّلام

هو أوّل أبناء وذريّة إبراهيم -عليه السّلام-، وقد وُلد بعد أن سأل إبراهيم ربّه أن يرزقه غلاماً صالحاً؛ فبشّره الله -تعالى- بإسماعيل، قال -تعالى-: (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ* فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ)،[٦] وأمّه هاجر -عليها السّلام-، وقيل سمّي إسماعيل أي سميع الله، وإلى إسماعيل -عليه السّلام- يرجع نسب العرب وقيل إنّه أبو العرب، وقد أسهم مع والده إبراهيم في بناء الكعبة كما جاء في قوله -تعالى-: (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ*رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ).[٧][٨][٩][١٠]


المراجع

  1. مجموعة من المؤلفين، التعريف بالإسلام، صفحة 135. بتصرّف.
  2. عمر الأشقر، الرسل والرسالات، صفحة 15-17. بتصرّف.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:859، صحيح.
  4. سورة الصافات، آية:102-107
  5. محمد أبو شهبة، السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة، صفحة 110-113. بتصرّف.
  6. سورة الصافات، آية:100-101
  7. سورة البقرة، آية:127-128
  8. أحمد أحمد غلوش، دعوة الرسل عليهم السلام، صفحة 174-176. بتصرّف.
  9. محمد سليمان المنصورفوري، رحمةً للعالمين، صفحة 300. بتصرّف.
  10. ابن كثير، البداية والنهاية، صفحة 193. بتصرّف.