تعريفٌ بنوح عليه السلام

هو نبيّ الله نوح بن لامك بن متوشلخ بن خنوخ -وهو إدريس- بن يرد بن مهلاييل بن قينن بن أنوش بن شيث بن آدم عليه السلام، أرسله الله تعالى إلى قومه بعد أن انتشر الفساد في الأرض، واستمرّ في دعوة قومه ألف سنةٍ إلّا خمسين عامًا، ويعد نوح -عليه السلام- من أولي العزم من الرسل، وقد اصطفاه الله تعالى واجتباه، ومن ذلك قول الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ* ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)،[١] كما ذُكر اسم نوح في القرآن الكريم ثلاثًا وأربعين مرّةً، وسمّيت سورةٌ من سور القرآن الكريم باسمه.[٢][٣]


دعوة نوح عليه السلام

محاولة نوح مع قومه

أرسل الله تعالى نوحًا إلى قومه يدعوهم إلى عبادة الله وحده، بعد أن انتشر الفساد فيهم، قال تعالى: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَه غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ)؛[٤] فقد كان قوم نوحٍ يعبدون الأصنام فطغوا، وتمرّدوا، واستكبروا، وعبدوا الأصنام، ومع طول دعوته لهم، لم يؤمن معه إلّا قليلٌ، أمّا الأكثرون؛ فقد كذّبوه وسخروا منه واتّهموه بالجنون، وحالوا بينه وبين تبليغ رسالة ربّه وهددوه بالرجم إن لم ينته كما جاء في قوله تعالى: (قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ).[٥][٦]


وكان نُوحٌ -عليه السلام- يأتِي قومه؛ فيدعوهم إلى الله؛ فيجتمعون عليه ويضربونه حتّى يُغشى عليه، فيرجع إليهِم ويدعوهم إلى الله، فيكرّرون فعلتهم، إلّا أنّه -عليه السلام- كان يصبر عليهم ولا يبالي بإعراضهم ولا بتهديدهم، بل يواصل دعوته؛ حتى إذا ضاق ذرعًا بهم وبإعراضهم واستهزائهم، لجأ إلى الله -سبحانه وتعالى- يدعوهم: (قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلا وَنَهَارًا* فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلاَّ فِرَارًا* وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا* ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا* ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا* فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا* يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا).[٧][٨]


سفينة نوح عليه السلام

بعد أن أمر الله تعالى نوحًا -عليه السلام- ببناء السفينة، أمره أن يحمل فيها الفئة القليلة التي آمنت معه، ومن الكائنات والحيوانات زوجين اثنين ذكرًا وأنثى؛ وأن يحمل أهله معه باستثناء من كفر منهم ولم يؤمن، وهم: إحدى زوجاته وأحد أبنائه، كما جاء في قول الله تعالى: (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ* وَقَالَ ارْكَبُواْ فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ* وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ*قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء قَالَ لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ)،[٩]


فأنجا الله تعالى نوحًا -عليه السلام- والذين آمنوا معه، وأغرق الكافرين الرافضين لدعوته، وجعلهم عبرةً لمن بعدهم، قال الله تعالى: (فَأَنجَيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ* ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ* إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ).[١٠][١١]


دعاء نوح عليه السلام على قومه

لمّا ضاق نوحٌ -عليه السلام- ذرعًا بقومه دعا الله تعالى عليهم كما جاء في قوله تعالى: (وقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا* إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلاَّ فَاجِرًا كَفَّارًا)،[١٢] وقد استجاب الله تعالى دعاء نوح عليه السلام، فبعد أن أمر نوحًا أن يصنع السفينة، وصعد على ظهرها هو ومن آمن وأزواج الحيوانات؛ أمر الله تعالى الأرض ففجرت عيون ماءٍ، وبدأت السماء تمطر مطرًا غزيرًا؛ فأهلك الله تعالى قوم نوح بالغرق في الطوفان، ثمّ أمر الله تعالى الأرض أن تبتلع الماء الذي عليها، وأمر السماء أن تقف عن المطر؛ فاستقرّت سفينة نوحٍ -عليه السلام- بمن فيها ونجّاهم الله تعالى.[١٣][١٤]


عمر نوح عليه السلام

عاش نبي الله نوحٍ -عليه السلام- عمرًا طويلًا؛ فكان أطول الأنبياء عمرًا وأكثرهم جهدًا؛ لما تحمّله من أذى قومه، إلّا أنّه أقام على دعوته ليلًا ونَهَارًا، سرًّا وجهرًا، مستعملًا الترغيب تارّةً والترهيب تارة أخرى، واستمرت دعوته على هذا النحو؛ بالإقناع، والحكمة والموعظة الحسنة، وأمّا عن مدّة مكث نوحٍ في قومه؛ فالثابت ما ورد في قوله تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ* فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ).[١٥][٢]


المراجع

  1. سورة آل عمران، آية:33-34
  2. ^ أ ب د. أمين بن عبدالله الشقاوي (8/6/2008)، "نبي الله نوح عليه السلام"، شبكة الألوكة الشرعية، اطّلع عليه بتاريخ 16/9/2021. بتصرّف.
  3. جامعة المدينة التعليمية، التفسير الموضوعي، صفحة 361-362. بتصرّف.
  4. سورة الأعراف، آية:59
  5. سورة الشعراء، آية:116
  6. موقع سؤال وجواب، كتاب موقع سؤال وجواب، صفحة 249.
  7. سورة نوح ، آية:5-11
  8. أحمد بن عبد الله الحزيمي (11/03/2018)، "عبر من قصة نوح عليه السلام"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 17/10/2021. بتصرّف.
  9. سورة هود، آية:40-43
  10. سورة الشعراء، آية:119-121
  11. الإسلام سؤال وجواب (23/9/2016)، "قصة نوح عليه السلام في القرآن"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 16/9/2021. بتصرّف.
  12. سورة نوح، آية:26-27
  13. سورة هود، آية:36-37
  14. الإسلام سؤال وجواب (24/3/2001)، "نوح عليه السلام"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 16/9/2021. بتصرّف.
  15. سورة العنكبوت، آية:14-15