أرسل الله -عزّ وجلّ- أنبياءه ورسله لإخراج الناس من براثن الشرك ودعوى الجاهلية إلى دعوة الحق المتمثّلة بتوحيده -سبحانه- وترك كامل مقاليد الشرك، والتوجّه له -سبحانه- بالعبادة والشُكر والذكر وتسيير حياة الفرد كاملةً على ذلك الأساس، وقد أرسل الله -سبحانه- نبيّه نوح -عليه السلام- لنبذ أهل الشرك ممّا هُم عليه ويعتصموا بالله وحده، وقد ألهم الله نبيّه أن يُحاجِجَهم بالأساليب العقلية، ويدعوهم للتفكّر في المخلوقات والسماوات والأرض، وأن يبشّرهم بأنَّ الله سيقبل توبتهم ويغسل حوبتهم إنْ هُم آمنوا به وخلعوا الكُفر والشرك، فأبى القوم وعاندوا واستحبّوا الكُفرَ على الإيمان، إلّا أنّ ذلك لم يضع اليأس في قلب نوح -عليه السلام-، بل استمر بالدعوة إلى الله دون كللٍ أو مللٍ.[١]


كم بلغ عمر نبي الله نوح؟

لم يثبت عُمر نبيّ الله نوح -عليه السلام- بأي نصٍ صحيحٍ، إلّا أنّ آيات القرآن الكريم دلّت على طول دعوته -عليه السلام- والمدّة الطويلة التي لبثها في مُحاجَجته لقومه، فقد قال -عزّ وجلّ-: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ*فَأَنجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ)،[٢] وذكرت بعض كتب التاريخ أنه عاش ألف سنةٍ وسبعمئةٍ وثمانين، إلّا أنّه لم يثبت أي دليلٍ على ذلك.[٣]


دعوة نبي الله نوح

عاند قوم نوح نبيّهم ورفضوا دعوته، فأمره الله أن يصنع السفينة التي أصبحت معجزته، وأن يحمل فيها زوجَين من كلّ نوعٍ من الحيوانات، ومَن آمن برسالته من قومه، فبدأ -عليه السلام- بجمع الأخشاب وصناعة السفينة، وكان قومه يستهزئون منه ولا يبالون بشيءٍ، فأوحى الله له أن ينطلق بالسفينة حينما يأتي أمره وتظهر علامة فوران التنور ماءً عوضاً عن النار، وأنّه سيكون برعاية الله وعنايته، وألّا يلتفت للقوم الكافرين فإنَّ الله سيهلكهم لصدّهم عن الدعوة ونكرانها.[٤]


رفض قوم نوح دعوة الحق وأصروا على كفرهم ونكرانهم دعوة نبيّهم نجّى الله نبيّه ومَن معه في السفينة وأغرق أهل الكُفر والعناد والزيغ وقد بسطتَ آيات القرآن الكريم حال القوم حينما أتى أمر الله -سبحانه-، قال -تعالى-: (فَأَنجَيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ*ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ*إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ)،[٥] وقال أيضاً في نجاة نوح -عليه السلام- ومَن مَعه: (قيلَ يا نوحُ اهبِط بِسَلامٍ مِنّا وَبَرَكاتٍ عَلَيكَ وَعَلى أُمَمٍ مِمَّن مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُم ثُمَّ يَمَسُّهُم مِنّا عَذابٌ أَليمٌ ).[٦][٧]


العِبر المستفادة من قصة نوح مع قومه

الجدير بكلّ كَيّسٍ فَطِنٍ أن يتعظ من حال الأمم السابقة، وأن تكون قصص الأنبياء بمثابة الدروس والعِبر والعِظات له؛ ليطّبقها في كلّ زمانٍ ومكانٍ، وممّا يُستفاد من قصة نوح -عليه السلام-:[٧]

  • ضرورة أن يتمتّع الداعي إلى الله بالصبر والجَلَدِ في دعوته؛ لأنّه سيُلاقي صنوفاً من الرفض والإعراض والتعرّض للأذى، وبذلك لا يقع اليأس في قلبه.
  • التمكّن بما يدعو إليه الداعية، والإجابة على كلّ التساؤلات، والتنويع في الأساليب على أن تكون قويةً متينةً ممزوجةً بالبراهين والأدلة.
  • إخلاص النيّة في الدعوة، والسعي فيها لنيل رضا الله -سبحانه- في الدنيا والآخرة، وعدم انتظار الحمد أو الشكر من أحدٍ بل احتساب الأجر على الله -سبحانه-.
  • أهمية المداومة على الأعمال الصالحة في الدنيا لنيل جنّة الله في الآخرة.


المراجع

  1. د. محمد منير الجنباز (19/10/2020)، "قصة نوح عليه السلام"، شبكة الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 6/9/2021. بتصرّف.
  2. سورة العنكبوت، آية:14-15
  3. إسلام ويب (19/12/2004)، "عمر نوح عليه السلام،فتوى رقم 57007"، إسلام ويب ، اطّلع عليه بتاريخ 6/9/2021. بتصرّف.
  4. أحمد حطيبة، تفسير أحمد حطيبة، صفحة 5. بتصرّف.
  5. سورة الشعراء، آية:119-121
  6. سورة هود، آية:48
  7. ^ أ ب إسلام ويب (23/9/2016)، "قصة نوح عليه السلام في القرآن"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 6/9/2021. بتصرّف.