كيف كلم الله موسى؟

اصطفى الله تعالى موسى -عليه السلام- من بين رسله بتكليمه؛ فخصّه بالتكليم دون غيره من الأنبياء والرسل عليه السلام، قال تعالى: (قالَ يا موسى إِنِّي اصطَفَيتُكَ عَلَى النّاسِ بِرِسالاتي وَبِكَلامي فَخُذ ما آتَيتُكَ وَكُن مِنَ الشّاكِرينَ)،^[١][٢] وفيما يلي بيانٌ حول تكليم الله تعالى لموسى عليه السلام؛ كيف وأين كان.

كيف كلّم الله موسى عليه السلام؟

وقت تكليم الله تعالى لموسى عليه السلام

استنجد رجلٌ من بني إسرائيل بموسى -عليه السلام- في يومٍ من الأيام قبل بعثته، وطلب منه نصرته على عدوٍ له، فوكز موسى -عليه السلام- عدو الرجل؛ أي ضربه بجمع كفّه،^[٣] فوقع ميّتًا، وندم موسى على ذلك، واستغفر الله تعالى، وظلّ خائفًا، وفي اليومِ التالي، وجد موسى الرجلَ نفسهُ من بني إسرائيل يطلب منه النصرة على عدوٍ آخر له، فغضب موسى -عليه السلام- على الرجل من بني إسرائيل، وظنّ عدوّ الرجل أنّ موسى -عليه السلام- يريد قتله؛ فأخبر قوم فرعون، فقرّروا قتل موسى، وعندما وصل الخبر إلى موسى عليه السلام؛، خرج من مصر متوجّهًا إلى أرض مدين.

وبعد وصوله إلى مدين تزوّج فيها من ابنة شيخٍ كريمٍ، مقابل أن يعمل عنده أجيرًا لثماني سنواتٍ، وعندما أتمّ موسى -عليه السلام- المدّة، توجّه مع أهله إلى مصر، حتّى وصل طور سيناء، فتاهوا في الطريق، حتّى رأى موسى -عليه السلام- نارًا، فتوجّه إلى مصدر النار، وعندما وصل كان وعد الله تعالى في ذلكَ المكان، وسمع موسى النداء الإلهي، وكلّمه الله تعالى حينها، قال تعالى في وصف هذه الحادثة: (وَهَل أَتاكَ حَديثُ موسى* إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آَتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى* فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى* إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى* وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى* إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي)،^[٤] ومنذ تكليم الله تعالى لموسى -عليه السلام- ابتدأت بعثته نبيًّا ورسولًا لله تعالى.^[٥]

هل كان كلام الله تعالى لموسى عليه السلام حقيقةً أم مجازًا؟

كلّم الله تعالى موسى -عليهِ السلام- كلامًا حقيقيّاً بصوتٍ سمعه موسى، قال تعالى: (وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا)،^[٦] وقد أجمع علماء النحو على أنّ تأكيد الفعل "كلّم"، بالمصدر "تكليمًا" لا يكون مجازًا، وقال تعالى: (وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ)؛^[٧] أي لمّا جاء موسى -عليه السلام- في الوقت الموعود، وسمع كلام الله من غير واسطةٍ، وأمّا عن كيفيّة التكليم؛ فالواجب على المسلم الإيمان والتسليم دون السؤال عن تفاصيل الكيفيّة؛ لأنّ علمها عند الله -عزّ وجلّ- وحده.^[٨]

معجزات موسى عليه السلام

أيدَّ الله -سبحانه وتعالى- نبيّه موسى -عليه السلام- بالعديد من المعجزات، ومنها:^[٩]

• العصا: حيث كان يلقي عصاه فتتحوّل إلى حيّةٍ تسعى، قال تعالى: (قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ* قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ* وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ* فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ* فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ* وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ).^[١٠]
• وضع يده في جيبه فتخرج بيضاء من غير سوء، قال تعالى: (وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آَيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ).^[١١]