هلاك قوم لوط
كان قوم لوط -عليه السلام- من أفجر الناس وأسوأهم أخلاقاً، حتى ابتدعوا فاحشة ما جاء به أحد من قبلهم من العالمين؛ وقد دعاهم نبيّهم لوط -عليه السلام- إلى عبادة الله -تعالى-، ونهاهم عن إتيان الفواحش؛ ولكنّهم رفضوا واستكبروا، وأصرّوا على طغيانهم وجحودهم وعصيانهم، وأقدموا على إخراج نبي الله لوط -عليه السلام- والذين آمنوا معه؛ فكان عقابهم شديداً، وأحلّ الله بهم سوء العذاب ممّا لم يكن بحسبانهم.
حيث أمر الله -تعالى- جبريل -عليه السلام- أنْ يأتي قرية لوط -وقد كانت سبعة مدن-، ويقتلعها من جذورها ثم يرفعها بمن فيها إلى عنان السماء، وبعد ذلك قلبها جبريل عليهم؛ فجعل عاليها سافلها، ودك بهم الأرض دكاً، وألحقهم الله -تعالى- بمطر من حجارة من طين متحجّرة، متتابعة، كلّ حجر منها مسخّر باسم صاحبه الذي سقط عليه؛ فكانوا عبرة لكلّ من يعتبر.[١]
عذاب قوم لوط في القرآن الكريم
ذكر الله -سبحانه- في كتابه العزيز عذاب قوم لوط -عليه السلام-، وممّا جاء فيه:[٢]
- أنّ سيدنا إبراهيم -عليه السلام- جادل عن قوم لوط العذاب؛ حيث تعاصر سيدنا إبراهيم وسيدنا لوط -عليهما السلام- في الدعوة؛ فقال -تعالى-: (فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَىٰ يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ)،[٣] لكنّ المولى -سبحانه- أوحى إليه أنّ القوم قد استحقوا العذاب، وقد سبق عليهم القول بالهلاك، قال -تعالى-: (يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا ۖ إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ ۖ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ).[٤]
- أنّ الله -سبحانه- أوحى إلى لوط -عليه السلام- أن يخرج من القرية التي حقّ عليها العذاب، باستثناء امرأته وقومه الكافرين؛ فقد كانت امرأة لوط -عليه السلام- من الكافرين المكذبين؛ قال -تعالى-: (فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ ۖ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ ۚ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ ۚ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ).[٥]
- أمّا في ذكر العذاب فقال -تعالى-: (وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا ۖ فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ)،[٦] وقال -تعالى-: (فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ* مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ).[٧][٨]
قوم لوط عليه السلام
اشتهر أهل سدوم -قوم لوط عليه السلام- بفاحشة إتيان الذكران من دون النساء، وكانوا يستنكرون العفة والطّهارة على كل من يتعفّف، واتهموا سيدنا لوط -عليه السلام- بأشنع الاتهامات سفهاً منهم، وجحوداً؛ ومن ذلك:[٩]
- أنّهم عدّوا الحياء والفضيلة جريمة منكرة.
- أنّهم اعتبروا الدعوة للتوحيد وعبادة الله -تعالى- دعوة لإفساد النظام، وتخريب المجتمع.
- أنّهم رؤوا في اتصال لوط -عليه السلام- بالنّاس دعوة للتّفريق بينهم.
كما أنّهم كانوا يتسارعون إلى لوط -عليه السلام- كلّما علموا أنّ ضيوفاً من الرجال قدموا إليه، فكان ينهاهم ويحذرهم، ويدعوهم لترك كل هذه الأفعال الشاذة عن الفطرة والعقل والدين؛ لكنّهم ضلوا وأضلوا، فكان دعاء لوط -عليه السلام- أن ينجّيه الله -تعالى- وأهله المؤمنين من هذه القرية الظالمة؛ حتى حلّ بهم العذاب الأليم، واستحقوا عاقبة السوء.[٩]
المراجع
- ↑ ابن كثير، قصص الأنبياء، صفحة 268، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ الآجري، ذم اللواط للآجري، صفحة 34.
- ↑ سورة هود، آية:74
- ↑ سورة هود، آية:76
- ↑ سورة هود، آية:81
- ↑ سورة النمل، آية:58
- ↑ سورة هود، آية:82-83
- ↑ أبو جعفر ابن جرير الطبري، تفسير الطبري جامع البيان، صفحة 432، جزء 15.
- ^ أ ب أحمد أحمد غلوش، دعوة الرسل عليهم السلام، صفحة 154-156. بتصرّف.