قصة يوشع بن نون مع موسى عليهما السلام

اختار جمعٌ من أهل التفسير إلى أنّ النبي يوشع بن نون -عليه السم- هو المقصود بفتى النبي موسى -عليه السلام-؛ الذي كان يخدمه ويتعلم منه، والذي رافقه في رحلته مع الخضر، وقد كان يُسمى الخادم فتىً نسبة إلى الفتوة، فقد كان يغلب على هذه الفئة صغر السنّ؛[١] وقد أشار القرآن الكريم إلى ذكر النبي يوشع -عليه السلام- دون التصريح باسمه في قوله -تعالى-: (وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّىٰ أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا).[٢][٣]


وفي قوله -تعالى-: (فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَـٰذَا نَصَبًا)،[٤] بينما صرّح النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنّ يوشع بن نون هو فتى موسى -عليهما السلام-؛ إذ قال -صلوات الله عليه وسلم- في الحديث الثابت: (... ثُمَّ انْطَلَقَ هو وفَتَاهُ يُوشَعُ بنُ نُونٍ، حتَّى إذَا أَتَيَا الصَّخْرَةَ وضَعَا رُؤُوسَهُمَا، فَرَقَدَ مُوسَى واضْطَرَبَ الحُوتُ فَخَرَجَ...).[٥][٣]


ومن الجدير بالذكر أن النبي يوشع -عليه السلام- هو من نسي ذكر الحوت، الذي كان فقده علامة على لقاء الرجل الصالح -الخضر عليه السلام-، فانطلق هو والنبي موسى عليهما السلام راجعين إلى ذات المكان، والتقيا الخضر هناك.[٦]


قصة يوشع بن نون وفتح مدينة الجبارين

تكليف النبي يوشع بالنبوة والقتال

ذكر بعض أهل التاريخ أنّ الله -تعالى- بعث يوشع بن نون -عليه السلام- نبياً إلى بني إسرائيل بعد وفاة النبي موسى -عليه السلام-، وأمره بأن يدخل إلى مدينة أريحا مدينة الجبارين ليفتحها،[٧] فلمّا دخلها وبدأ بالقتال، واشتدّ عليه الحال في حصارها ستة أشهر؛ فقد كانت من أكثر المدن تحصيناً وقوة، وذات يوم حاول القوم ضرب أسوارها حتى أسقطوها، وروي أنّ ذلك كان عصر الجمعة.[٨]


انحباس الشمس وفتح المدينة

لمّا أرادت الشمس أن تغرب، لتحلّ ليلة السبت -وهو اليوم المحرّم عندهم-؛ طلب النبي يوشع من الله -تعالى- أن يحبسها ويردّها حتى ينهي أمر هذه المدينة، فقد ثبت في الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، أنّ النبي يوشع بن نون -عليه السلام- دعا وقال للشمس: (... إنَّكِ مَأْمُورَةٌ وأَنَا مَأْمُورٌ، اللَّهُمَّ احْبِسْهَا عَلَيْنَا...).[٩][٨]


كما قال -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ الشَّمْسَ لَمْ تُحْبَسْ عَلَى بَشَرٍ إِلَّا لِيُوشَعَ لَيَالِيَ سَارَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ)؛[١٠] فحبسها الله -تعالى- للنبي يوشع -عليه السلام- حتى فتح المدينة، وجمع الغنائم الكثيرة منها، وقتل عدداً عظيماً من الجبّارين.[٨]


ولقد تعددت أقوال أهل السير والتاريخ في فتح هذه المدينة، وعلى يد من كان هذا الفتح؛ فقيل:[٧]

  • إنّ موسى وهارون -عليهما السلام- توفيا في التّيه، وتوفي فيه كل من دخله، إلا يوشع بن نون -عليه السلام- ورجل آخر؛ فلمّا انقضت أربعون سنة أوحى الله -تعالى- ليوشع بالنبوية -عليه السلام-، وأمره بفتحها ففتحها، وبهذا قال قتادة وعكرمة والسدّي.
  • إن موسى -عليه السلام- عاش حتى خرج من التّيه، ثم سار بجيش إلى مدينة الجبارين على رأسه يوشع بن نون -عليه السلام-، ففتحاها.

المراجع

  1. المراغي، أحمد بن مصطفى، تفسير المراغي، صفحة 172، جزء 15. بتصرّف.
  2. سورة الكهف، آية:60
  3. ^ أ ب ابن كثير، البداية والنهاية، صفحة 372، جزء 1. بتصرّف.
  4. سورة الكهف، آية:62
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي بن كعب، الصفحة أو الرقم:3401، صحيح.
  6. الواحدي، التفسير البسيط، صفحة 71-73، جزء 14. بتصرّف.
  7. ^ أ ب ابن الأثير، عز الدين أبو الحسن، الكامل في التاريخ، صفحة 174، جزء 1. بتصرّف.
  8. ^ أ ب ت ابن كثير، قصص الأنبياء، صفحة 207-208، جزء 2. بتصرّف.
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:3124، صحيح.
  10. رواه الإمام أحمد، في المسند، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:8314، إسناده صحيح على شرط البخاري.