نبي الله موسى -عليه السلام- من أنبياء بني إسرائيل، وأحد أولي العزم من الرسل، أرسله الله تعالى لدعوة فرعون الذي كان يحكم بني إسرائيل، وعانوا من ظلمه واستضعافه لهم، وقد أحاط الله -سبحانه وتعالى- موسى -عليه السلام- بعينه ورعايته وحفظه في دعوته.[١]


قصة النبي موسى

نسب موسى عليه السلام وولادته

هو موسى بن عمران بن قاهث بن عازر بن لاوى بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام، وأمّا عن ولادته فكانت زمن حُكم فرعون لبني إسرائيل، وكان متجبّرًا بهم وظالمًا لهم، خاصّةً بعد أن شاع بين بني إسرائيل أنّه سيخرج من ذريّتهم غلامٌ يكون هلاك ملك مصر على يديه، فأمر فرعون بقتل أبناء بني إسرائيل الذكور؛ خوفًا من ظهور ذلك الغلام، وعندما وضعت أمّ موسى وليدها، أُلهمت أن تتخذ له تابوتًا، وتضعه فيه وتلقي التابوت في البحر، حتى وصل إلى بيت فرعون، والتقطته الجواري وأخبرنَ امرأةَ فرعونَ آسيا بأمر التابوت، ولما رأت موسى أحبّته حبًّا شديدًا، وعندما رآه فرعون أمر بقتله، لكن زوجته آسيا طلبت منه أن يُبقيه، فقبل فرعون، ونشأ موسى -عليه السلام- في بيت فرعون، واحتاجوا إلى مرضعةٍ، شفاء الله تعالى أن ترضعه أمّه، دون أن يعلمَ أحدٌ أنّه ابنها، قال تعالى: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ* فَالْتَقَطَهُ آَلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ* وَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ).[٢][٣]


قصة موسى مع القبطي

دخل موسى -عليه السلام- في أحد الأيّام إلى المدينة في وقتٍ أُغلقت فيه الأسواق وخلت من الناس، فوجد رجلين يتقاتلان، أحدهما من شيعته؛ أي من بني إسرائيل الذين كان عندهم شيءٌ من دين يوسف عليه السلام، فطلب الذي من شيعة موسى -عليه السلام- وكان مظلومًا العون منه وأن ينصره على القبطي، فضرب موسى القبطي بقبضة يده فقتله، ولم يقصد موسى -عليه السلام- قتل القبطي، إنّما قصد دفعه، ومنعه من ظلم الإسرائيلي، وقد ندم على ما حصل، وطلب من الله -سبحانه وتعالى- المغفرة؛ فالقتل الواقع منه كان خطًأ من غير قصد.[٤]


خروج موسى من مصر وزواجه

عندما علم فرعون بمقتل القبطي، قرّر قتل موسى، ولمّا علم موسى -عليه السلام- بنيّة فرعون؛ خرج من مصر خائفًا، وتوجّه إلى أرض مدين، وتزوّج بنتًا لشيخٍ كريمٍ مقابل أن يعمل عنده لثماني سنواتٍ، وبعد انقضاءِ المدةِ، عاد موسى وزوجته إلى مصر.[٥]


بعثة موسى عليه السلام

أثناء عودة موسى -عليه السلام- إلى مصر مع زوجته وحين وصل سيناء، فضلَّ موسى الطريق، ورأى نارًا من بعيدٍ واتّجه صوبها؛ فخصّه الله -سبحانهُ وتعالى- بتكليمه هناك وتكليفه بالنبوة وإرساله إلى فرعون لدعوته، وأيّده الله بمعجزتين؛ لكي يذهب بهما إلى فرعونِ، هما: إلقاء العصا على الأرض فتنقلب حيّةً تسعى، وإدخال يده في جيبه؛ فتخرج بيضاء، وأرسل معه أخاه هارون، وعندما وصل إلى فرعون وأراه معجزته، اتّهمه بالسحر، وجمع السحرة؛ حتى يثبتوا أنّ موسى ساحرٌ، لكنّ الله تعالى نصر موسى وأبطل كيد السحرة، وآمنوا بالله تعالى، وما كان من فرعون إلا أن عاقبهم بقطعِ أيديهم وأرجلهم من خلافٍ، وصلبهم، لكنّهم صبروا، حتى لقوا الله مسلمين، واستمرّ موسى بدعوة قومه بالموعظة الحسنة، لكنّهم ازدادوا علوًّا وطغيانًا، واشتدّ أذاهم للمؤمنين.[٥]


لقب موسى عليه السلام

لُقّب موسى -عليه السلام- بكليم الله؛ وذلك لأنّ الله تعالى خصّه وكرّمه بالكلام معه مباشرةً دون وسيط،[٦] قال تعالى: (قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آَتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ).[٧]


نجاة موسى عليه السلام وغرق فرعون وقومه

لمّا عاند قوم فرعون وأصروا على الكفر بدعوة موسى -عليه السلام- أرسل الله تعالى عليهم الطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم؛ حتى طلبوا من موسى -عليه السلام- أن يدعو ربّه بكشف العذاب عنهم، وعاهدوه على الإيمان بالله تعالى، ولمّا كُشف العذابُ عنهم، نقضوا عهدهم وتراجعوا عما وعدوا به موسى عليه السلام؛ فأغرقهم الله تعالى في اليمّ أي البحر،[٨] قال تعالى: (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آَيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ* وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ* فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ* فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ).[٩]


موسى عليه السلام وبنو إسرائيل

ترك موسى -عليه السلام- من آمن معه من بني إسرائيل مع أخيه هارون، وذهب إلى سيناء للقاء الله تعالى وليتسلّم منه الألواح، ولمّا عاد وجد أنّ بني إسرائيل قد عبدوا عجلًا من ذهبٍ صنعه لهم السامريّ، فلمّا عاد إليهم موسى -عليه السلام- غضب منهم وزجرهم، وحين أمرهم بدخول فلسطين رفضوا ولم يستجيبوا؛ فغضب الله تعالى عليهم، وتركهم موسى عليه السلام، فتاهوا في الصحراء أربعين سنةً.[١٠]

المراجع

  1. إبراهيم بن محمد بن حقيل (26/1/2007)، "كليم الله موسى عليه السلام"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 19/9/2021. بتصرّف.
  2. سورة القصص، آية:7-9
  3. إسماعيل بن عمر بن كثير، قصص الأنبياء، صفحة 3-15. بتصرّف.
  4. "الرد على اتهام موسى عليه السلام بإرادة قتل القبطي الثاني"، طريق الإسلام، 21/3/2021، اطّلع عليه بتاريخ 19/9/2021. بتصرّف.
  5. ^ أ ب "نبذة عن موسى عليه السلام"، الإسلام سؤال وجواب، 1/3/2001، اطّلع عليه بتاريخ 19/9/2021. بتصرّف.
  6. إبراهيم بن محمد الحقيل (9/3/2014)، "كليم الله موسى عليه السلام 6"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 19/9/2021. بتصرّف.
  7. سورة سورة الأعراف، آية:144
  8. محمد بن أحمد القرطبي، الجامع لأحكام القرآن تفسير القرطبي، صفحة 267- 272. بتصرّف.
  9. سورة الأعراف، آية:133-136
  10. موسوعة الأديان، "قصة موسى عليه السلام"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 07/10/2021. بتصرّف.