قصة سيدنا سليمان مع الخيل
ذكرها في القرآن الكريم
ذكر الله -سبحانه وتعالى- في كتابه العزيز ما جاء في خبر سيدنا سليمان -عليه السلام- مع الخيل؛ وذلك في سورة ص، حيث قال -تعالى-: (وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ* إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ* فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ* رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالأَعْنَاقِ)؛[١] حيث يظهر من هذه الآيات حبّ سيدنا سليمان -عليه السلام- الشديد للخيل.[٢]
استعراض سيدنا سليمان الخيل
ذات مرة كان سيدنا سليمان -عليه السلام- يستعرض الخيل التي يُجاهد بها في سبيل الله -تعالى-، وقيل يستعرض خيلاً حازها من غزو أهل دمشق، وقد كانت تحمل أوصافاً مميزة؛ من جمالٍ وقوةٍ، وأصالةٍ وسرعةٍ، بالإضافة إلى عددها الكبير؛ حتى شغله استعراضها إلى مغيب الشمس،[٣] وقد تعدّدت الأقوال بين المفسرين والمؤلفين في حقيقة هذا الانشغال؛ وذلك على النحو الآتي:
- نفى بعض المفسرين انشغال سيدنا سليمان -عليه السلام- بالخيل عن أداء الصلاة، أو أنّه -عليه السلام- أخذ بضرب الخيل وقطع سيقانها؛ معتبرين أنّ ذلك من مرويات أهل الكتاب، وأنّ هذا لا يليق بمقام سيدنا سليمان -عليه السلام-، إنّما المعنى المقصود أنّ الله -تعالى- امتحن نبيّه بحبّه للخيل؛ لمعرفة مدى تواضعه، وعدم اشتغاله بهذا الأمر.[٤]
- قيل إنّ سيدنا سليمان انشغل بها عن أداء صلاة العصر؛ فأمر بردّ هذه الخيول عليه، وأخذ يمسح على أعناقها وسيقانها تشريفاً لها ولمقامها، حيث كانت له عوناً على ملاقاة العدو، وإظهاراً للناس بعض سياسته -عليه السلام- في إدارة المُلك؛ إذ إنّه يسعى لتفقد الخيل، ويطّلع على أحوالها، ويتفقدّها بنفسه.[٣]
- قيل إنّ سيدنا سليمان -عليه السلام- أمر بردّها عليه ليقطع أعناقها، ويضرب سيقانها؛ وهذا ما رجّحه عدد من المفسرين باعتماد المعنى الظاهر من النصّ القرآني؛ إذ إنّ المسح في اللغة يأتي بمعنى الضرب.[٣]
- ذُكر أنّه تصدّق بها لما شغلته من أداء الصلاة.[٢]
- جزم بعض أهل العلم -كابن كثير- أنّ سيدنا سليمان -عليه السلام- لم يتعمّد تأخير الصلاة أو العبادة، إنّما وقع ذلك بسبب انشغاله بالغزو والجهاد، ومن ثم استعراض الخيل.[٥]
دروس من قصة سيدنا سليمان مع الخيل
يظهر من هذه القصة القرآنية عدّة دروس وعبر مستفادة؛ يمكن استنتاجها وإبرازها على النحو الآتي:
- تسميّة الخيل في القرآن الكريم بالخير؛ فقد كانت العرب تسمّي الخيل خيراً،[٦] وهذا موافق لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (الخَيْلُ مَعْقُودٌ في نَواصِيها الخَيْرُ إلى يَومِ القِيامَةِ: الأجْرُ والمَغْنَمُ).[٧]
- تواضع سيدنا سليمان -عليه السلام-، ورحمته بمخلوقات الله -تعالى-؛ وقد ظهر ذلك جليّاً في قصصه -عليه السلام- مع النملة، والهدهد.
- حسن إدارة سيدنا سليمان -عليه السلام- لملكه.
- ورع سيدنا سليمان -عليه السلام- وكثرة توبته إلى الله -تعالى-.
المراجع
- ↑ سورة ص، آية:30-38
- ^ أ ب عطية سالم، شرح الأربعين النووية لعطية سالم، صفحة 6، جزء 33. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ملا حويش، بيان المعاني، صفحة 311-313، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ وهبة الزحيلي، التفسير الوسيط، صفحة 2205، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ ابن كثير، قصص الأنبياء، صفحة 298، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ أبو جعفر ابن جرير الطبري، تفسير الطبري جامع البيان، صفحة 83، جزء 20. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عروة بن أبي الجعد البارقي، الصفحة أو الرقم:2852، صحيح.