نبيّ الله سليمان هو ابن نبيّ الله داود عليهما السّلام، بعثه الله تعالى نبيًّا بعد والده، وهو أحد أنبياء بني إسرائيل، وقد آتى الله تعالى سليمان الحكم والملك كما آتاهما لداود عليه السّلام، وقد كان داود -عليه السّلام- يُشرك ابنه سليمان في الحكم وتدبير شؤون الملك؛ لما امتاز به من سماتٍ تؤهّله لذلك،[١] وآتيًا حديثٌ عن أبرز سمات شخصيّة سليمان عليه السلام.
شخصية النبي سليمان
تمتّع نبيّ الله سليمان -عليه السّلام- بسماتٍ شخصيّةٍ مميزةٍ أعانته على أداء مهامّ الدعوة والحكم وتدبير شؤون مملكته بصورةٍ تامّةٍ، وآتيًا حديثٌ عن أبرز سمات شخصيّته عليه السلام.[٢][٣]
الفهم السليم والحكم السديد
ودليل ذلك حكمه بحكمةٍ ورأيٍ سديد بين الخصمين اللذين اختصما لدى داود عليه السّلام؛ أحدهما يملك بستانًا فيه زرعٌ والآخر مالكٌ لغنمٍ، فتعدّى الغنم على زرع الرجل وأكله؛ فاختصما إلى داود -عليه السلام- فحكم داود لصاحب الزرع أن يأخذ غنم الرجل الآخر، إلّا أنّ سليمان -عليه السلام- حكم بينهما بحكمٍ آخر؛ فقضى أن يرعى صاحب الغنم بستان الرجل ويتعَهّده، ويأخذ صاحب البستان الغنم فينتفع ممّا تنتجه، حتّى إذا عاد زرع بستان الرجل كما كان، أعاد كلّ واحدٍ منهما للآخر ما يملكه؛ فكان فهم سليمان وحكمه وقضاؤه أوفق وأكثر سدادًا، قال الله تعالى: (وَداوودَ وَسُلَيمانَ إِذ يَحكُمانِ فِي الحَرثِ إِذ نَفَشَت فيهِ غَنَمُ القَومِ وَكُنّا لِحُكمِهِم شاهِدينَ* فَفَهَّمناها سُلَيمانَ وَكُلًّا آتَينا حُكمًا وَعِلمًا).[٤][٢][٣]
الاهتمام بأحوال الآخرين وتفقّدهم
ويدلّ على ذلك ما جاء في سورة النمل من تفقّد سليمان لجنده من الطير؛ قال الله تعالى: (وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ)؛[٥] وفي هذا دليلٌ على استشعار سليمان -عليه السّلام- بالمسؤوليّة وأمانته في أدائها، كما أنّ فيه دليلًا على دقّة ملاحظة سليمان وشدّة انتباهه؛ حيث أدرك بمجرد تفقّده غياب الهدهد.[٢][٣]
الحزم
فقد كانت شخصيّة سليمان -عليه السلام- شخصيّةً حازمةً في سياسة ملكه والتعامل مع جنده، ويتبدّى ذلك في موقفه من غياب الهدهد، وقوله إنّه سيعاقبه على غيابه إلّا إن أتى بسبب يبرّر هذا الغياب.[٢][٣]
عزّة النفس والتعالي عن الدنيا
ويظهر ذلك بوضوحٍ في سليمان -عليه السّلام- من موقفه من الهدية التي أرسلتها له ملكة سبأ؛ حيث رفضها وآثار ما آتاه الله تعالى ورضاه والدعوة إليه عليها، كما جاء في قول الله تعالى على لسان سليمان حين وصلته الهديّة: (فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّـهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ).[٦][٢][٣]
الفراسة والذكاء
فقد تمكّن سليمان بفراسته وذكائه ودقّة فهمه وتحليله للأحداث استشراف ما سيكون من ملكة سبأ وقومها وأنّهم سيسلمون؛ ودليل ذلك ما جاء في قول الله تعالى على لسان سليمان: (قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ).[٧][٢][٣]
شكر الله تعالى ونسبة الفضل إليه
حيث أدرك سليمان -عليه السّلام- نعم الله تعالى التي أنعم عليه بها، وكان حامدًا شاكرًا له عليها، ناسبًا هذه النعم والفضل فيها إلى الله تعالى، كما جاء في قوله تعالى: (وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ).[٨][٢][٣]
معجزات النبي سليمان
أيّد الله تعالى سليمان -عليه السّلام- بمعجزاتٍ عدةٍ؛ فقد سخّر له الرياح تسير وتتحرّك بأمره، وتنقله وتقطع به المسافات حيث يريد، وأسال له عينًا من النحاس، وسخّر الجن يعملون بأمره ويشكّلون من النحاس ما يحتاجه من عتادٍ كما جاء في قول الله تعالى: (وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ* يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ)،[٩] ومن معجزات سليمان -عليه السلام- أنّ الله تعالى علّمه منطق ولغة الطير وغيره من الكائنات؛ فكان قادرًا على مخاطبتها وفهم كلامها.[١٠][١]
المراجع
- ^ أ ب أحمد أحمد غلوش، دعوة الرسل عليهم السلام، صفحة 419-427. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث ج ح خ إيهاب برهم، "سليمان عليه السلام ملك عريق وحضارة فاعلة"، إسلام أون لاين، اطّلع عليه بتاريخ 06/09/2021. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث ج ح خ عبد الستار المرسومي (25/04/2015)، "سليمان عليه السلام النبي القائد"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 06/09/2021. بتصرّف.
- ↑ سورة الأنبياء، آية:78-79
- ↑ سورة النمل، آية:20
- ↑ سورة النمل، آية:36
- ↑ سورة النمل، آية:38
- ↑ سورة النمل، آية:19
- ↑ سورة سبأ، آية:12-13
- ↑ عبد الرحمن السعدي، تفسير السعدي، صفحة 676. بتصرّف.