من هم قوم لوط؟

إن قوم نبي الله لوط -عليه السلام- هم أهل قرى سدوم؛ حيث كانوا يسكنون فيها، وتقع سدوم في أرض الشام، وقيل هي قرية تقع شرق النهر في غور الأردن على البحر الميت،[١] وكانت تتضمن هذه المنطقة أربع مدائن؛ سدوم، واموراء، وعاموراء، وصبويراء، وكانت أعظمها سدوم،[٢] وقد أرسل الله -تعالى- لوط -عليه السلام- إليهم لدعوتهم إلى توحيد الله، وترك فعل الفواحش والمنكرات، حيث إنه -عليه السلام- لم يكن من أهل هذه المنطقة، وإنما كان من أرض بابل في العراق، وأمره الله -تعالى- أن يأتي لدعوتهم، فاستجاب لأمر الله، وسكن بينهم ودعاهم إلى الإيمان والتوحيد، إلا أنهم كذبوه وأصروا على كفرهم.[٣]


أعمال قوم لوط وصفاتهم

عندما بعث الله -تعالى- لوط عليه السلام- إلى قومه كانوا يقومون بأعمال قبيحة وأفعال منكرة، حيث كان لوط يحذرهم منها ويأمرهم باجتنابهم، ويبيّن لهم أنها سوف تكون سبباً لاستحقاقهم عقاب الله لهم وإنزال العذاب عليهم، إلا أنهم لم يكترثوا له، ومن هذه المنكرات التي كانوا يقومون بها:


فعل الفاحشة

استغرق قوم لوط -عليه السلام- في إشباع شهواتهم وملذاتهم، فكان الرجال يأتون الرجال في الدبر، كما يأتون النساء، متفاخرين بفعلهم القبيح، حيث إنهم أول قومٍ يفعلون هذه الفاحشة، وقيل أنهم كانوا يفعلون ذلك بالغرباء والضيوف على القرية، حتى فشى ذلك بينهم وانتشر، فأصبحوا يأتون بعضهم بعضاً،[٤] قال -تعالى- في وعظ لوط لهم: (وَلوطًا إِذ قالَ لِقَومِهِ أَتَأتونَ الفاحِشَةَ ما سَبَقَكُم بِها مِن أَحَدٍ مِنَ العالَمينَ* إِنَّكُم لَتَأتونَ الرِّجالَ شَهوَةً مِن دونِ النِّساءِ بَل أَنتُم قَومٌ مُسرِفونَ).[٥]


المجاهرة والعلن في فعل المنكر

كان قوم لوط -عليه السلام- يمارسون الفواحش والمنكرات علانية وصراحة، دون تستر، حتى إنهم كانوا يقومون في مجالسهم واجتماعاتهم ونواديهم الخاصة ما لا يليق من الأقوال والأفعال المنكرة؛ كتحريض بعضهم بعضاً على الوقوع في الفاحشة، وعلى أذى الناس والاستهزاء بهم، دون أن ينكروا على بعضهم، وقيل أنهم قاموا ببناء أماكن لفعل الفاحشة بصورة جماعية،[٦] فيتحلّلون من لباسهم، ويظهرون عوراتهم،[٧] قال -تعالى- على لسان لوط -عليه السلام-: (أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ).[٨]


قطع الطريق وأفعال منكرة أخرى

كان قوم لوط يقومون بقطع طريق المارّة من الناس، فيقومون بأذيتهم والسخرية بهم، وسلب أموالهم وخطفهم لفعل الفاحشة معهم،[٩] كما قال -تعالى- في الآية السابقة: (وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ)،[٨] كما كانوا يرتكبون الكثير من المعاصي والذنوب التي لا ترضي الله -تعالى-، من ظلمٍ وشتمٍ وقتلٍ وضربٍ، وتشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال، يعيشون في ترفٍ ولهوٍ لا يكترثون.[١٠]


عقوبة قوم لوط وهلاكهم

كان عذاب قوم لوط -عليه السلام- شديداً بئيساً؛ لأفعالهم الشنيعة وإعراضهم عن لوط -عليه السلام- ودعوته، حيث أرسل الله عليهم صيحة شديدةٍ مرعبةٍ من السماء، وانقلبت بهم قريتهم فأصبح أعالي القرية أسافلها، وأنزل الله عليهم من السماء حجارة من سجيل كالمطر، فأهلكوا جميعاً، إلا لوط -عليه السلام- ومن آمن معه، وأما امرأته فقد كانت كافرة مشاركة مع قومها بأفعالها، متواطئة معهم، فلحقها العذاب.[١١][١٢]



المراجع

  1. أحمد أحمد غلوش، دعوة الرسل عليهم السلام، صفحة 147. بتصرّف.
  2. ابن منظور، مختصر تاريخ دمشق، صفحة 237. بتصرّف.
  3. مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 6290. بتصرّف.
  4. الواحدي، التفسير البسيط، صفحة 218-220. بتصرّف.
  5. سورة الأعراف، آية:80-81
  6. أحمد أحمد غلوش، دعوة الرسل عليهم السلام، صفحة 148. بتصرّف.
  7. محمد علي قطب، زوجات الأنبياء وأمهات المؤمنين، صفحة 36. بتصرّف.
  8. ^ أ ب سورة العنكبوت، آية:29
  9. ابن عثيمين، تفسير العثيمين: العنكبوت، صفحة 143. بتصرّف.
  10. وهبة الزحيلي، التفسير المنير، صفحة 231. بتصرّف.
  11. أحمد حطيبة، تفسير أحمد حطيبة، صفحة 8. بتصرّف.
  12. وهبة الزحيلي، التفسير المنير للزحيلي، صفحة 54-55. بتصرّف.