ماذا كان عذاب قوم لوط؟

بيّن القرآن الكريم أن الله -تعالى- عذّب قوم لوط -عليه السلام- بثلاثة أنواع من العذاب، وهي:[١]

  • الصيحة الهائلة؛ وهي صوت شديد مهلك من السماء.
  • جعل عاليها سافلها؛ حيث قُلبت قريتهم رأساً على عقب، فصارت عالي المدينة سافلها، فانقلبت القرية عليهم.
  • أمطر عليهم حجارة من سجيل؛ حيث أنزل الله -تعالى- عليهم حمماً وحجارةً صغيرة من طينٍ متحجّر ممزوجة مع النار، كالمطر من السماء تُلقى على رؤوسهم.


ذكر عذاب قوم لوط في القرآن ووصفه

ذكر الله -تبارك وتعالى- في كتابه العذاب الذي أهلك به قوم سيدنا لوط -عليه السلام- في قوله: (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ* فَجَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ* إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ)،[٢] وقال أيضاً: (فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ)،[٣] وقال أيضاً: (لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ طِينٍ* مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ).[٤]


وقد ذكر الله -جلّ وعلا- في شأن الحجارة أنها مسوّمة؛ أي معلّمة ومخصّصة من عند الله، لهلاك المجرمين المتمادين، فكل واحد تأتيه حجارته فيُهلك، فأهلكوا جميعاً،[٥] كما وصفها بأنها تنزل عليهم متتابعة بشكل منظّم معدّ لعذابهم كالمطر،[٦] حيث عبّر عن هذا الوصف بلفظة منضود، فكان مطراً سيئاً بئيساً عليهم، حيث قال الله في ذلك: (وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنذَرِينَ).[٧][٨]


وقد عبّر الله -جلا وعلا- في وصف عذابهم أنه عذاب مستقرّ؛ فقال: (وَلَقَدْ صَبَّحَهُم بُكْرَةً عَذَابٌ مُّسْتَقِرٌّ)،[٩] أي أن عذابهم دائم عام، استقرّ فيهم، فهم يعذبون في قبورهم، وكذا يوم الدين فهم في العذاب خالدون، فعذابهم ملازم لهم لا يفارقهم، مستمرّ بهم في كل حال من الأحوال.[١٠]


وقت حدوث العذاب

ذكر الله -تعالى- في كتابه أنه كان موعد عذاب قوم لوط في الصباح، حيث قيل أنهم يكونون في هذا الوقت متجمعين في منازلهم ومساكنهم، ومما يدل على ذلك ما جاء في الآيات المذكورة سابقاً، التي ذكر فيها لفظة مشرقين، دلالة على الشروق وضوء الشمس،[١١] ولفظ صبحهم بكرة، دلالة على حدوثه أول النهار، فلفظة بكرة تشير إلى أول جزء من النهار[١٢]، وكذا قوله -تعالى-: (إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ ۚ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ).[١٣]


نجاة لوط -عليه السلام- ومن آمن معه

نجّى الله -تعالى- نبيه لوط عليه السلام- ومن آمن معه من أهل بيته من عذاب قومه، حيث دعا الله -تعالى- أن ينجّيه من سوء أفعالهم ومن عقوبته لهم، فقال: (رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ)،[١٤] فاستجاب الله له، فقال: (فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ)،[١٥] حيث أشار الله إليه أن يخرج هو ومن آمن معه من أهله من القرية، فخرج -عليه السلام- ومن معه ليلاً، وفي صبيحة اليوم التالي كان عذابهم، ومما ينبغي الإشارة إليه أن امرأة لوط لم تؤمن بالله وبدعوة زوجها لوط، حيث كانت راضية بقبح أفعال قومها، وبقيت معهم فهلكت في العذاب،[١٦] قال -تعالى-: (قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُوا إِلَيْكَ ۖ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ ۖ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ...).[١٧]



مواضيع أخرى:

عذاب قوم صالح

كيف أهلك الله قوم عاد؟


المراجع

  1. الزحيلي، التفسير المنير للزحيلي، صفحة 54-55. بتصرّف.
  2. سورة الحجر، آية:73-75
  3. سورة هود، آية:82
  4. سورة الذاريات، آية:34-33
  5. أحمد غلوش، دعوة الرسل عليهم السلام، صفحة 153. بتصرّف.
  6. الزحيلي، التفسير المنير للزحيلي، صفحة 114. بتصرّف.
  7. سورة الشعراء، آية:173
  8. أحمد حطيبة، تفسير أحمد حطيبة، صفحة 8. بتصرّف.
  9. سورة القمر، آية:38
  10. مصطغى العدوي، سلسلة التفسير لمصطفى العدوي، صفحة 3. بتصرّف.
  11. برهان الدين البقاعي، نظم الدرر في تناسب الآيات والسور، صفحة 76. بتصرّف.
  12. الزحيلي، التفسير المنير للزحيلي، صفحة 172. بتصرّف.
  13. سورة هود، آية:81
  14. سورة الشعراء، آية:169
  15. سورة الأعراف، آية:83
  16. الزحيلي، التفسير المنير للزحيلي، صفحة 207. بتصرّف.
  17. سورة هود، آية:81