لماذا عذب الله قوم لوط؟

عذّب الله -تعالى- قوم لوط -عليه الصلاة والسلام- بسبب سوء أفعالهم وقُبحها؛ فقد تمادوا في فعل الفواحش والمحرمات؛ فمن أبرزها أنه كان رجالهم يأتون الرجال بشهوة كما يأتون النساء، ويُجاهرون بها، ويقومون بقطع طريق المارّة، ويؤذونهم ويأخذون أموالهم ويقتلونهم، ويخطفون الناس من الطريق ليفعلوا بهم الفاحشة، ويفعلون في مجالسهم ما لا يليق من الأقوال والأفعال المنكرة؛ كتحريض بعضهم بعضاً على الوقوع في الفاحشة، وعلى أذى الناس والاستهزاء بهم، دون أن ينكروا على بعضهم، وقد روي أنهم كانوا يقومون بذنوبٍ ومعاصٍ كثيرة؛ يتظالمون فيما بينهم، ويشتمون بعضهم البعض، ويتشبه رجالهم بنسائهم، ونسائهم برجالهم، وغير ذلك من المنكرات والمحرمات. [١][٢]


دعوة لوط -عليه السلام- لقومه

قام نبي الله لوط -عليه السلام- بدعوة قومه إلى توحيد الله وعبادته، وترك ما هم عليه من الفاحشة؛ وبيّن لهم فسادهم وضلالهم، وأن فعلهم ظلمٌ وعدوانٌ، وشذوذهم مخالفٌ للنفس السوية، وأنكر عليهم سوء أفعالهم وصنيعهم، وحذّرهم بعواقب أفعالهم، موضّحاً لهم بُعدهم عن الفطرة السليمة، وعظم جرائمهم، وأنه لم يأت بها أحدٌ من قبلهم، واستمرّ -عليه الصلاة والسلام- على ذلك، إلا أن قومه أصرّوا على كفرهم وشركهم، واستكبارهم وعنادهم، فلم يؤمنوا وقاموا بالاستهزاء به والسخرية مما يقول.[٣][٤]


فتوجه لوط -عليه السلام- إلى ربه ودعاه بالنصرة، فاستجاب الله له وحلّ بهم العذاب الذي أهلكهم جميعاً إلا من آمن، فقال الله -تعالى- في كتابه في شأنهم: (وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ* أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قالُوا ائْتِنا بِعَذابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ* قالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ).[٥]


ضيف لوط -عليه السلام- وهلاك قومه

أرسل الله -تعالى- عدداً من ملائكته لنصرة نبيه لوط -عليه السلام- وإهلاك قومه، إلا أنه قبل إهلاكهم أراد الله أن يبتليهم؛ فجاءت الملائكة ضيوفاً إلى لوط -عليه السلام-على هيئة رجالٍ حسان، وقد مرّوا قبل ذلك على نبي الله إبراهيم -عليه السلام- ليبشّروه وزجته بإسحاق ومن بعده يعقوب -عليهم السلام-، كما وأخبروه أنهم جاؤوا لإهلاك قوم لوط، وذهبوا إلى لوط يمشون على أرجلهم، فخاف عليهم لوط -عليه السلام- من قومه، وهو لم يكن يعرف أنهم ملائكة، وضاق به الأمر، لعلمه أن قومه سوف يأتون يعملون الفاحشة معهم.[٦]


وأسرعت زوجته لتخبر قومها بهم، فجاؤوا إلى لوط يتدافعون في الطريق لقضاء رغباتهم بهم، فأخبرت الملائكة لوطاً وطمأنته حينها أنهم رسل من الله جاؤوا لإهلاك قومه، وقالوا له أنه سيكون عذابهم شديداً عظيماً من السماء، حيث جاءتهم الصيحة الشديدة من السماء، وقلبت قريتهم، فأصبح عاليها سافلها، وأرسل عليهم من السماء حجارة من سجيل، فأهلكوا جميعاً إلا من آمن.[٧]


وقد وصف القرآن الكريم ضيوف لوط، وعذاب قومه، فقال -جلّ وعلا-: (وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى قالُوا إِنَّا مُهْلِكُوا أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَها كانُوا ظالِمِينَ* قالَ إِنَّ فِيها لُوطاً قالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ* وَلَمَّا أَنْ جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقالُوا لا تَخَفْ وَلا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلاَّ امْرَأَتَكَ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ* إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلى أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ)،[٨] وقال أيضاً في عذابهم: (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ* فَجَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ).[٩]



مواضيع أخرى:

عذاب قوم ثمود

كيف أهلك الله قوم عاد؟


المراجع

  1. الزحيلي، التفسير المنير للزحيلي، صفحة 230-31. بتصرّف.
  2. برهان الدين البقاعي، نظم الدرر في تناسب الآيات والسور، صفحة 428-429. بتصرّف.
  3. أحمد غلوش، دعوة الرسل عليهم السلام، صفحة 150-152. بتصرّف.
  4. أحمد حطيبة، تفسير أحمد حطيبة، صفحة 2-5. بتصرّف.
  5. سورة العنكبوت، آية:28-30
  6. أحمد حطيبة، تفسير أحمد حطيبة، صفحة 6-9. بتصرّف.
  7. أحمد غلوش، دعوة الرسل عليهم السلام، صفحة 152-153. بتصرّف.
  8. سورة العنكبوت، آية:31-34
  9. سورة الحجر، آية:73-74