قوم ثمود

هم قومٌ من العرب العاربة، وسمّوا بذلك؛ تبعًا لجدّهم ثمود، وكانوا يقطنون في الحجر الواقع بين الحجاز وتبوك،[١] وجاء ذكرهم في القرآن الكريم باسمه؛ أي ثمود وباسم أصحاب الحجر حيث كانوا ينحتون بيوهم في صخور الجبال،[٢] كما في قول الله تعالى: "وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ"،[٣] وقوم صالحٍ نسبةً لنبيّهم صالح -عليه الصّلاة والسّلام- الذي أرسله الله إليهم،[٤][١] قال تعالى: "وَإِلى ثَمودَ أَخاهُم صالِحًا".[٥]


الرجفة: عذاب قوم ثمود

آتى الله تعالى قوم ثمودٍ قوّةً ومنعةً؛ فكانوا في القوة والعدد أكثر من قوم عادٍ الذين سبقوهم، وكان ثمود قومًا ذووي ترفٍ؛ ينحون في الجبال قصورًا ومساكن لهم كما جاء في قوله تعالى: "وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِن بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا ۖ فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ"،[٦] وقد كان قوم ثمود عبدةً للأصنام، فأرسل الله تعالى لهم نبيّه صالحًا -عليه الصّلاة والسّلام- لدعوتهم إلى التوحيد وترك عبادة الأصنام، فلم يؤمن مع صالح إلا قلّةٌ منهم وأصرّ الباقون على ما هم عليه ولم يستجيبوا لهذه الدعوة، وطالبوا صالحًا -عليه الصّلاة والسّلام- بأن يأتيهم بآيةٍ دالّةٍ على صدقه وصدق دعوته؛ حتى يؤمنوا بها ويتركوا ما هم عليه من عبادة الأصنام، فأيّد الله تعالى صالحًا بمعجزةٍ تمثّل بالناقة المنبثقة من الصخر، وأمرهم ألّا يعترضوا لها أو يؤذوها كما جاء في قول الله تعالى: "وَيَا قَوْمِ هَٰذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ"،[٧] فما كان منهم بعد رؤية الناقة إلا قتلها وهمّوا بقتل صالح عليه السّلام؛ فسلّمه الله تعالى منهم وأهلك ثمود بالرجفة؛[٨][٤] أي صيحةٍ شديدةٍ زعزعنهم وحركتهم للهلاك،[٩] كما جاء في قول الله تعالى: "فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ* فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ".[١٠]


صالح نبيّ ثمود

نبيّ الله صالح -عليه السّلام- من الأنبياء العرب، بعثه الله تعالى إلى قومه ثمود، وأمّا نسبه فهو صالح بن عبيد بن أنيف ابن ماشخ بن عبيد بن جائر بن ثَمُود بن عابر بن إرم بن سام ابن نوح، وقال بعض النّسابين إنّه صالح بن آسف، كان بينه وبين هود خمسمئة عام، وهو قبل زمن أنبياء الله موسى وشعيب عليهم السّلام، وجاء القرآن الكريم على ذكر اسمه وقصّته مع قومه في مواطن كثيرةٍ،[١١][١٢] منها قول الله تعالى عن دعوة صالح لقومه: "إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ* إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ".[١٣]


حديث النبيّ عن ثمود

كان في عقاب الله تعالى لثمود وما خلّفته الصيحة التي أهلكتهم من دمارٍ شاهدًا للعبرة والعِظة لمن بعدهم من الأمم يذكّر بمصير من استكبروا وعاندوا أمر الله تعالى، وقد روي أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- مرّ ومعه جمعٌ من الصحابة -رضي الله عنهم- بالحجر مسكن ثمود، فأمرهم أن يمرّوا بها وهم خاشعين؛ خشية أن يصيبهم ما أصاب ثمود وأن يحذروا من أن تكون عاقبتهم كعاقبة ثمود، وأسرع -عليه الصّلاة والسّلام- السير حتى تجاوز منطقتهم،[٨] وذلك كما روى عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- عن النبيّ -عليه الصلاة والسّلام- أنّه قال يوم مرورهم من مساكن ثمود: "لا تَدْخُلُوا مَسَاكِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أنْفُسَهُمْ، أنْ يُصِيبَكُمْ ما أصَابَهُمْ، إلَّا أنْ تَكُونُوا بَاكِينَ، ثُمَّ قَنَّعَ رَأْسَهُ وأَسْرَعَ السَّيْرَ حتَّى أجَازَ الوَادِيَ".[١٤]


المراجع

  1. ^ أ ب ابن كثير، البداية والنهاية، صفحة 150-158. بتصرّف.
  2. الطاهر بن عاشور، التحرير والتنوير، صفحة 72-73. بتصرّف.
  3. سورة الحجر، آية:80
  4. ^ أ ب ابن كثير، قصص الأنبياء، صفحة 145. بتصرّف.
  5. سورة الأعراف، آية:73
  6. سورة الأعراف، آية:74
  7. سورة هود، آية:64
  8. ^ أ ب سعد المرصفي، الجامع الصحيح للسيرة النبوية، صفحة 358-359. بتصرّف.
  9. أبو جعفر الطبري، تفسير الطبري، صفحة 544-545. بتصرّف.
  10. سورة الأعراف، آية:77-78
  11. الصحاري، الأنساب، صفحة 33. بتصرّف.
  12. خير الدين الزركلي، الأعلام، صفحة 188. بتصرّف.
  13. سورة الشعراء، آية:142-143
  14. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:4419، صحيح.