زواج يوسف عليه السلام من امرأة العزيز

ما رُوي في هذه القصة

نقل بعض المؤرخين والمفسرين أنّ نبي الله يوسف -عليه السلام- لمّا تبوّأ منصباً هامّاً في مصر، دخلت عليه امرأة العزيز -زليخة- بعد أن تابت وعادت لرشدها، وهي تقول: "الحمدُ لله الذي جعل العبيدَ ملوكًا بطاعته -تقصد بذلك يوسف عليه السلام-، والحمد لله الذي جعل الملوكَ عبيدًا بمعصيته -تقصد نفسها"؛ مما جعل يوسف -عليه السلام- يقضي لها حوائجها جميعها، ثم تزّوجها، إذ إنّ زوجها هلك في تلك الليلة.[١]


كما رُويَ أنّ سيدنا يوسف -عليه السلام- قد وجدها بكراً لا ثيباً؛ فقد كان زوجها لا يأتي النساء،[١] وأورد ابن القيم -رحمه الله- قصة زواج يوسف -عليه السلام- من امرأة العزيز تحت عنوان: "من ترك محبوبه حراماً، فبذل له حلالاً، أو أعاذه الله خيراً منه"؛ فقد رأى ابن القيم أنّ الله -سبحانه- عوّض يوسف -عليه السلام- بالملك والجاه بعد المكوث بالسجن، وإتيان امرأة العزيز إليه صاغرة موقرة بذنبها، معترفةً ببراءة يوسف -عليه السلام-، فكان خيراً من مراودتها له في الحرام.[٢]وقد ورد في هذه القصة تفاصيل كثيرة لا يُعلم مدى صحتها، ولم تثبت بدليل صريح.


آراء أهل العلم في هذه القصة

وتجدر الإشارة إلى أنّ بعض أهل العلم قد علّقوا على خبر زواج يوسف -عليه السلام- من امرأة العزيز؛ فقالوا:

  • إنّ هذه القصة من مرويات أهل الكتاب؛ التي لم يثبت صدقها فنصدّقها، ولم يثبت خلافها في الشريعة الإسلامية فننفيها؛ ممّا يعني التوقف عندها، وإيرادها على سبيل الرواية المجرّدة التي نُحيل علمها إلى الله -تعالى-.[٣]
  • إنّ هذه القصة لا أصل لها، وأسانيدها عند المُحدثين لا يُعوّل عليها.[٤]
  • إنّ امرأة العزيز لا تليق بأنّ تكون أماً للمصريين آنذاك؛ حيث عُرف أنّ زوجات الأنبياء يصبحن أمهات لأفراد القوم، وهي لا تليق أن تكون في مقام كهذا.[٥]


ويُستحسن التنبيه إلى أنّ هذه الروايات لا يترتب على معرفتها كبير نفع أو فائدة؛ كما لا يضرّ الجل بها، لا سيما أنّ الله -سبحانه- أخفى عنّا خبرها، ولم يأتنا النبي -صلى الله عليه وسلم- بما يؤكدها أو ينفيها، لذا فإنّ الانشغال بها ممّا لا ينفع المسلم، والأجدر بالمسلم أنْ لا ينجرّ وراء المسائل التي لا يترّتب عليها عمل.


امرأة العزيز

ذكرت بعض المؤلفات والمصادر أنّ امرأة العزيز كانت تدعى راعيل بنت رعيائيل،[٦] وقيل زليخا أو زليخة؛[٧] وقد ورد ذكرها في القرآن الكريم بنسبتها إلى عزيز مصر في عدد من مواضع سورة يوسف، منها قوله -تبارك وتعالى-: (وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ ۖ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا ۖ إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ).[٨][٩]


وقد فسّر الباحثون أنّ سبب اختيار القرآن الكريم لفظ امرأة في الحديث عن زليخة بدل زوجة أو زوج؛ كنايةً عن فقد الحياة الزوجيّة بعض مقوّماتها؛ سواء أكان ذلك من جهة المرأة، أو من جهة الرجل؛[١٠] ففي علاقة امرأة العزيز بزوجها ذكرت المصادر أنّه كان عنيناً؛ لا يأتي النساء لعجز فيه،[١١] لذا فُقدت الحياة الزوجيّة بينهما.

المراجع

  1. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، موسوعة التفسير المأثور، صفحة 663، جزء 11. بتصرّف.
  2. ابن القيم، روضة المحبين ونزهة المشتاقين، صفحة 445. بتصرّف.
  3. محمد صالح المنجد، موقع الإسلام سؤال وجواب، صفحة 3، جزء 9. بتصرّف.
  4. الألوسي، شهاب الدين، تفسير الألوسي روح المعاني، صفحة 7، جزء 7. بتصرّف.
  5. أحمد محمود الشوابكة، غرر البيان من سورة يوسف عليه السلام في القرآن، صفحة 123. بتصرّف.
  6. الجلال السيوطي، مفحمات الأقران في مبهمات القرآن، صفحة 57. بتصرّف.
  7. الواحدي، التفسير البسيط، صفحة 60، جزء 12. بتصرّف.
  8. سورة يوسف، آية:30
  9. أبو جعفر ابن جرير الطبري، تفسير الطبري جامع البيان، صفحة 114، جزء 13. بتصرّف.
  10. عبد العظيم المطعني، خصائص التعبير القرآني وسماته البلاغية، صفحة 291، جزء 1. بتصرّف.
  11. مجير الدين العليمي، فتح الرحمن في تفسير القرآن، صفحة 410، جزء 3. بتصرّف.