خصّ الله تعالى بعض أنبيائه ورسله -عليهم السّلام- بآياتٍ ومعجزاتٍ، أجراها على أيديهم وحدهم دون سواهم من البشر، وكانت هذه الآيات والمعجزات دليلًا على صدقهم، ومساندةً لهم على أقوامهم في دعوتهم إلى الإيمان بالله وتوحيده، ومن هذه الآيات: ما خصّ الله به نبيّه سليمان من فهمه لكلام الطير،[١] وتاليًا بيان ذلك.


النبي سليمان الذي فهم كلام الطير

علّم الله تعالى نبيّه سليمان -عليه السّلام- منطق الطير ولغته، فكان يحادثه ويفهم حديثه، وهي إحدى معجزاته، ودليل ذلك قول الله تعالى على لسان سليمان عليه السّلام: (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَـذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ)،[٢] فكان سليمان يخاطب الهدهد ويفهم كلامه، ولم يكن فهم سليمان -عليه السّلام- لكلام المخلوقات مقتصرًا على الطير؛ بل آتاه الله تعالى علم منطق النمل كذلك وقد أورد الله تعالى في القرآن الكريم مواطن لحوار سليمان مع الهدهد ومخاطبته له، وسماعه وفهمه لكلام النملة، وآتيًا بيان هذه المواطن:[٣][٤]

  • حوار سليمان مع طائر الهدهد: وقد ورد هذا الحوار في سورة النمل، حين أخبر الهدهدُ سليمانَ عن ملكة سبأ وعبادتها وقومها للشمس؛ حيث رُوي أنّ سليمان -عليه السّلام- كان يُرسل الهدهد؛ ليستكشف له عن موضع الماء في البقاع والأراضي ويخبره بمكانه، فذهب مرّةً وطال غيابه، وتساءل سليمان -عليه السّلام- عنه، فلمّا عاد الهدهد أخبره بما رأى في سبأ، وقد ذكر الله تعالى حوارهما قي قوله: (وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ* لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ* فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ* إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ* وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّـهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ).[٥]
  • سماع سليمان وفهمه لكلام النملة: وذلك حين كان مقبلًا هو وجنوده كما جاء في قول الله تعالى: (وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ* حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ).[٦][٤][٣]


النبي سليمان عليه السلام

تعريفٌ بالنبي سليمان

هو نبيّ الله سليمان ابن نبي الله داود عليهما السّلام، وهو أحد أنبياء بني إسرائيل، ورث عن أبيه الحكم والنّبوة، وقد امتدح الله تعالى سليمان -عليه السّلام- فقال فيه: (وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ)،[٧] وكان سليمان -عليه السّلام- دائم التذكّر لنعم الله تعالى التي أنعمها عليه ودائم الحمد والشكر له، كما جاء في قول الله تعالى على لسان سليمان: (وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ).[٨][١]


معجزات النبي سليمان

أيّد الله تعالى سليمان -عليه السلام- بمعجزاتٍ عظيمةٍ غير معجزة تفهيمه لمنطق الطير، ومن معجزات سليمان:[١]

  • تسخير الرياح له: تتحرّك بأمره وتتّجه حيث يريد، وتنقله بسرعة إلى وجهته.
  • تسخير الجنّ له: حيث كان الجنّ ينفّذون ما يأمرهم به، ويكلّفهم بالقيام بالأعمال النافعة، من البناء وتشييد الصروح، والغوص لاستخراج اللؤلؤ والمرجان.
  • إسالة النحاس له: حيث أخرج الله تعالى لسليمان عينًا من النحاس السائل، استعمله في صناعاته.


المراجع

  1. ^ أ ب ت أحمد أحمد غلوش، دعوة الرسل عليهم السلام، صفحة 419-427. بتصرّف.
  2. سورة النمل، آية:16
  3. ^ أ ب محمد أبو زهرة، المعجزة الكبرى القرآن، صفحة 290. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ابن كثير، البداية والنهاية، صفحة 24-25. بتصرّف.
  5. سورة النمل، آية:20-24
  6. سورة النمل، آية:17-18
  7. سورة ص، آية:30
  8. سورة النمل، آية:19