الحيوان الذي لم يصعد سفينة نوح عليه السلام

يقصّ القرآن الكريم علينا القصص بما يحقّق المقصود الإيماني والدعوي منها، وفي قصّة سيدنا نوح -عليه السلام- ركّزت القصة في القرآن على دعوة النبيّ نوح -عليه السلام- لقومه، وكفرهم به، ومعجزة السفينة، والعقاب الذي لحق قومه الجاحدين، أمّا فيما يتعلّق بالحيوانات التي لم تصعد إلى سفينة نوح -عليه السلام- ونحو ذلك من التفصيلات فلم يتعرّض لها القرآن الكريم، لأنّ عدم معرفتها لا يضرّ.


تنبيهات مهمّة بشأن الحيوانات التي صعدت لسفينة نوح

لا بدّ من الإشارة إلى عدّة تنبيهاتٍ مهمّة بخصوص الحيوانات التي صعدت إلى سفينة نوح -عليه السلام- ونحو ذلك من التفاصيل، ومنها ما يأتي:[١]

  • لم يُخبر القرآن الكريم أنّ كلّ الحيوانات التي كانت في زمن نوح -عليه السلام- صعدت بالسفينة، بل كلّ ما أشار إليه بهذا الخصوص هو أنّ الله -سبحانه- أمر نبيّه نوح أن يحمل معه في السفينة من كلّ زوجين اثنين حتى يحصل منها التناسل، قال -تعالى-: (قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ)،[٢] يقول الشوكاني في فتح القدير: "أَيْ: قُلْنَا يَا نُوحُ احْمِلْ فِي السَّفِينَةِ مِنْ كُلِّ زَوْجَيْنِ مِمَّا فِي الْأَرْضِ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ اثْنَيْنِ ذَكَرًا وَأُنْثَى".[٣]
  • لا يوجد فائدة مرجوّة من معرفة الحيوان الذي لم يصعد سفينة نوح -عليه السلام-، كما أنّ عدم معرفة ذلك لا يضرّ، وإلا لذكره القرآن الكريم.
  • بناءً على ما سبق يقول الشنقيطي -رحمه الله-: "... ففي القرآن العظيم أشياء كثيرة لم يبيّنها الله لنا ولا رسوله، ولم يثبت في بيانها شيء، والبحث عنها لا طائل تحته ولا فائدة فيه"، ثمّ يذكر أمثلة فيقول: "... كخشب سفينة نوح من أي شجر هو، وكم طول السفينة وعرضها، وكم فيها من الطبقات، إلى غير ذلك مما لا فائدة في البحث عنه، ولا دليل على التحقيق فيه".[٤]
  • يذكر النّاس بناءً على المنطق أنّ الحيوان الذي لم يصعد سفينة نوح -عليه السلام- هو السّمك، لأنّه لا يعيش إلا بالماء، ولا يستطيع الخروج منه وإلا مات، وبناءً على ذلك فهو الحيوان الذي لم يصعد سفينة نوح، ولكن ذلك يبقى في علم غيب الله -تعالى-.
  • الأَوْلى ترك التدقيق بالتفصيلات التي لم يبيّنها القرآن الكريم أو السنة النبوية؛ إذْ لو كان فيها فائدة لعلمناها، كما أنّ الأدلة التاريخية عليها -إن وُجد- لا يُمكن الجزم والقطع بها، لأنّ ذلك الزمان بعيدٌ جداً عنّا.


معلومات عن سفينة نوح عليه السلام

كانت سفينة نوح -عليه السلام- معجزةً من المعجزات، لِذا لا يصحّ قياسها على غيرها من السفن الموجودة في الواقع، فالله أعلم بكنهها وكيفية بنائها وشكلها، ويدلّ على عظمتها وكوْنها معجزةً قول الله -تبارك وتعالى-:[٥]

  • (وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ).[٦]
  • (فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ).[٧]


وهذا ما أخبرنا القرآن عنه بخصوص السفينة، أما حجمها وتصميمها وأجناس وأشكال الحيوانات التي صعدت إليها فهذا لا يُمكن معرفته إلا بوحيٍ من الله -سبحانه-، ولم يثبت في النصوص الشرعية ذكر هذه التفصيلات، كما أنّه لا ينبني على معرفتها حكمٌ أو عمل، وإذا علمنا أنّها معجزةٌ وآيةٌ من آيات الله فلا يُستغرب حينها حملها للمؤمنين والحيوانات وجريانها في أمواجٍ كالجبال، إذ إنّ كلّ ذلك لا يُقاس بالعقل المجرّد على السفن العادية في الواقع.[٥]

المراجع

  1. "شبهات تثار حول الطوفان الذي كان في زمن نوح عليه السلام"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 19/2/2023. بتصرّف.
  2. سورة هود، آية:40
  3. الشوكاني، فتح القدير، صفحة 565، جزء 2.
  4. محمد الشنقيطي، أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، صفحة 58، جزء 4.
  5. ^ أ ب "سفينة نوح آية ومعجزة لا يقاس أمرها بالعقل المجرد"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 19/2/2023. بتصرّف.
  6. سورة يس، آية:41
  7. سورة العنكبوت، آية:15