النبي إدريس عليه السلام

يعود نسب النبي إدريس -عليه السلام- إلى شيث بن آدم -عليهما السلام-؛ فهو أحد أجداد النبي نوح -عليه السلام- على أحد أقوال العلماء؛ حيث ذكر هؤلاء العلماء أنّ أول من أُعطيَ الرسالة من بعد آدم هو إدريس -صلوات ربي عليهم جميعاً-، وقيل إنّ نبوته كانت متأخرة بعد نوح -عليه السلام- لا قبله، وقد أرسل فيها إلى بني إسرائيل.[١]


وقد عللّ بعض أهل العلم تسميته بهذا الاسم؛ لكثرة درسه وعلمه، فقد كان أول من خطّ بالقلم، وأول من لبس الثياب وخاطها، وقد أثنى عليه الله -سبحانه- في كتابه العزيز؛ فقال -تعالى-: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ ۚ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا)،[٢]وقال -تعالى-: (وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ).[٣][٤]


قصة النبي إدريس مع قومه

لم يرد ذكر قوم إدريس -عليه السلام- على نحوٍ من التفصيل في صحيح النصوص الثابتة، من القرآن الكريم والسنّة النبويّة؛ إلا أنّ المصادر من كتب التاريخ والسير ذكرت أنّ النبي إدريس -عليه السلام- نهى قومه عن مخالفة شريعة آدم وشيث -عليهما السلام-، كما حذّرهم من مخالطة ذرية قابيل، واتباع خطوات الشيطان بالإفساد في الأرض، فأطاعه جمٌع قليل، فغادر معهم من بابل -العراق-، وانتقل إلى مصر، وهذا على الرأي القائل بأنّ بعثة إدريس كانت بعد آدم -عليهما السلام-.[٥]


ومن بعدها أخذ يدعو الناس إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتوحيد الله -سبحانه-، كما أمر قومه بالزهد، والعدل، والصدقة، وصيام أيام معروفة، وشدد عليهم في أمور الطهارة من النجاسات والمسكرات على رأي بعض أهل العلم.[٦]


قصة رفع النبي إدريس

تعددت آراء العلماء في حقيقة رفع النبي إدريس -عليه السلام- تبعاً لتعدد آرائهم في تفسير قوله -تعالى-: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ ۚ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا* وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا)،[٧] وفيما يأتي تلخيص لأبرز الأقوال في المسألة:[١]

  • رُفع إدريس -عليه السلام- بجسده وروحه، كما رُفع عيسى ابن مريم -عليهما السلام-؛ استدلالاً بظاهر الآية القرآنية.
  • رَفع الله -سبحانه- إدريس -عليه السلام- مكانةً عاليةً، وقرّبه منه -جلّ وعلا- لصدقه ونبوته، وبهذا فإنّ الرفع مجازي، وأنّ موته -عليه السلام- كان على الأرض، وقد دُفن فيها، وهذا ما رجحّه جمعٌ من أهل العلم.


قصة لقاء النبي محمد بالنبي إدريس

التقى النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- بالنبيّ إدريس -عليه السلام- في رحلة الإسراء والمعراج؛ وذلك عندما عرج إلى السماوات مع جبريل -عليه السلام-، وقد ثبت ذلك في السنة النبويّة، عن أبي ذرّ الغفاريّ أنّه قال: (فَذَكَرَ -النبي- أنَّهُ وجَدَ في السَّمَوَاتِ إدْرِيسَ، ومُوسَى، وعِيسَى، وإبْرَاهِيمَ.. فَلَمَّا مَرَّ جِبْرِيلُ بإدْرِيسَ قالَ: مَرْحَبًا بالنبيِّ الصَّالِحِ والأخِ الصَّالِحِ، فَقُلتُ: مَن هذا؟ قالَ: هذا إدْرِيسُ).[٨][٩]


وقد صلى النبي -صلى الله عليه وسلم- إماماً بالأنبياء في بيت المقدس -صلوات ربي عليهم جميعاً-، وينبغي التنبيه إلى أنّ مسألة رؤية الأنبياء كانت حقيقة بالروح والجسد، أمّا عن سبب تواجدهم في السماوات، ومن ثمّ صلاتهم بعد الموت؛ فقد قال العلماء أنّ هذا مقام تشريف وتكريم، لا مقام تكليف أو عبادة.[١٠]


"وذلك أنهم كانوا في الدنيا قد حبِّبت لهم عبادة الله والصلاة؛ بحيث كانوا يلازمون ذلك، ثم توفوا وهم على ذلك"، إضافةً إلى أنّ الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون، وهذا في الأنبياء أولى وأوجب.[١٠]

المراجع

  1. ^ أ ب صلاح الخالدي، القرآن ونقض مطاعن الرهبان، صفحة 112، جزء 1. بتصرّف.
  2. سورة مريم، آية:56
  3. سورة الأنبياء، آية:85
  4. المطهر بن طاهر المقدسي، البدء والتاريخ، صفحة 11-12، جزء 3. بتصرّف.
  5. [القفطي، جمال الدين]، إخبار العلماء بأخبار الحكماء، صفحة 8. بتصرّف.
  6. محمد علي طه الدرة، تفسير القرآن الكريم وإعرابه وبيانه، صفحة 611، جزء 5. بتصرّف.
  7. سورة مريم، آية:56-57
  8. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم:3342 ، صحيح.
  9. أبو إسحق الحويني، دروس للشيخ أبي إسحاق الحويني، صفحة 11، جزء 128. بتصرّف.
  10. ^ أ ب أبو العباس القرطبي، المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، صفحة 192، جزء 6. بتصرّف.