أفرد الله -سبحانه وتعالى- قصة يوسف -عليه السلام- وبسط أحداثًا من حياته في سورةٍ كاملةٍ من سور القرآن الكريم حملت اسمه؛ لما في قصّته من العِبر والدروس،[١] وفيما يلي حديثٌ عن العصر الذي عاش فيه يوسف -عليه السّلام- ومواقف من حياته.


عصر نبي الله يوسف عليه السلام

عاش يوسف -عليه السلام- أكثر حياته في مصر منذ اشتراه عزيز مصر وأسكنه في بيته، وكانت مصر في ذلك الوقت تحت حكم الهكسوس، ويُعرفون كذلك بالرعاة، ويُطلق على حاكمهم لقب العزيز، وعاصر الرعاة إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب عليهم السلام، وعلموا عن الدين منهم، وكان مجتمع الهكسوس الذي عاش فيه يوسف مجتمعًا يعرف عن دين الله شيئًا يسيرًا ممّا نُقل إليهم، ولم يكن حكّامهم من الفراعنة مدّعوا الألوهية، ولذلك تركوا الديانة المصرية القديمة، وبحثوا عن دينٍ آخر، فأخذوا من جيرانهم بعض ما عندهم، وهو قدرٌ لا يكفي في دين الله تعالى، إلّا أنّ هذا القدر اليسير من المعرفة عن دين الله كان له دورٌ مساعدٌ ليوسف-عليه السلام- في نشر دعوته حينما تولّى أمر مصر فيما بعد.[٢]


مواقف من حياة يوسف عليه السلام

طفولة يوسف وشبابه

كان ليوسف -عليه السلام- أحد عشر أخًا، وكان الابن الأحبّ والأقرب لأبيه يعقوب -عليه السلام- من بين إخوته، وكان يوسف قد رأى رؤيا أنّ الشمس والقمر وأحد عشر كوكبًا يسجدون له، فأمره أبوه ألّا يخبر إخوته بما رأى، وقد دفعت محبّة يعقوب ليوسف عليه السلام- إخوته للكيد منه وإلقائه في البئر، فالتقطه بعدها سيّارةٌٌ وباعوه؛ فاشتراه عزيز مصر بثمنٍ زهيدٍ، وأسكنه في بيته، إلى أن حاولت امرأة العزيز مراودته، فلم يستجب لها يوسف.[١]


دخول يوسف السجن

كان دخول يوسف -عليه السلام- إلى السجن ظلمًا وزورًا؛ ولكنّ الله -عزّ وجلّ- أراد أن يحفظه من الفتنة بإخراجه من بيت العزيز وإبعاده عن امرأته، وعندما دخل يوسف -عليه السلام- إلى السجن دخل معه فتَيان ممن خدموا عزيز مصر كانوا متّهمين بالتآمر على الملك، فأخبر كلٌّ منهما يوسف برؤيا رآها في منامه، ففسّرها يوسف -عليه السلام- لهما، ودعاهما لترك الكفر والشرك، وكان تفسير الرؤى التي رآها الفتَيان؛ أنّ أحدهما سيخرج من السجن ويصبح قريبًا من الملك، حيث أصبح ساقي الخمر الخاص بالملك، وأنّ الآخر سيقتل ثمّ يصلب، وقال يوسف -عليه السلام- للذي سيصبح قريبًا من الملك أن يذكره أمام الملك بالخير، فنسيَ الفتى ذلك، حتى رأى الملك رؤيا جاء فيها أنّ سبع بقراتٍ نحيفاتٍ يأكلن سبع بقراتٍ سميناتٍ، ورأى أيضًا سبع سنابل خضراء وسبع سنابل يابسات، وطلب من قومه أن يفسّروا ذلك، فكان ردّهم أنّ ذلك أضغاث أحلام،[٣] ثمّ تذكّر ساقي الملك يوسفَ عليه السلام، فجاؤوا به إلى الملك، وفسّر له رؤياه؛ بأنّ الخير والمطر سيصيبهم مدّة سبع سنين متوالية؛ حيث فسّر البقر بالسنين؛ لأنّ البقر تثير الأرض المليئة بالزرع والثمار؛ أي السنابل الخضراء، وأرشدهم إلى أن يدخروا ما يحصدونه في السبع سنوات، ويستهلكوا حاجتهم منه فقط ودعاهم لنبذ الإسراف؛ للاستفادة من الحصاد الذي تمّ ادّخاره للسنوات العجاف الشديدة الجدب، ثمّ أخبرهم -عليه السلام- بأنّه سيصيبهم بعد ذلك غيثٌ وخيرٌ،[٤]


فلمّا سمع الملك تفسير يوسف -عليه السلام- للرؤيا التي رآها فرح فرحًا عظيمًا، وأراد أن يُخرجه من السجن؛ ولكنّ يوسف -عليه السلام- رفض ذلك حتى تتبيّن براءته الكاملة مما نُسب إليه، فاعترفت امرأة العزيز بأنّ يوسف بريءٌ وأنّها هي من راودته، وكلّف الملكُ يوسفَ بإدارة مال الدولة، والتصرّف في أرض مصر كيفما يشاء، وبذلك عَلا شأن يوسف -عليه السلام- وأصبح وزيرًا للمال.[٣]


لقاء يوسف بإخوته وأهله

بعد أن تولى يوسف -عليه السلام- شؤون مصر الاقتصادية، جاء إخوته إلى مصر للتزوّد بالطعام حيث كانت بلادهم تمرّ بمجاعةٍ، فلمّا دخلوا عند يوسف عرفهم، ولم يعرفوه هم، وقرّر يوسف أن يكيد لهم؛ فمنعهم من الكيل إلّا إن جاؤوا بأخيهم من أبيهم، فرجعوا إلى أبيهم وأخبروه بما كان، وسمح يعقوب لهم أن يأخذوا أخاهم بعد أن عاهدهم أن يعيدوه، فلما حضروا به إلى يوسف كَادَ لهم؛ بأن جعل المكيال الذي يكيلون فيه بين أمتعتهم، واتّهمهم بسرقته، وأنّه لن يرسل معهم أخاهم، فعادوا إلى أبيهم وأخبروه بما حصل؛ فصبر واحتسب، ثمّ عادوا إلى يوسف -عليه السّلام- ورجوه أن يعيد معهم أخاهم، وأخبروه بحزن أبيهم على أخيهم، فرقّ قلب يوسف، وأخبرهم بأنّه أخوهم يوسف، وطلب منهم أن يرجعوا إلى أبيهم بقميصه ويلقوه على وجه؛ ليرجع إليه بصره، ثمّ عاد إخوته برفقة أبيهم إلى يوسف -عليه السّلام- والتقى بهم وتحقّقت رؤيا يوسف التي رآها.[١]


المراجع

  1. ^ أ ب ت إسلام ويب (29/7/2012)، "قصة يوسف عليه السلام في القرآن"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 9/9/2021. بتصرّف.
  2. أحمد أحمد غلوش، كتاب دعوة الرسل عليهم السلام، صفحة 188-189. بتصرّف.
  3. ^ أ ب حسام بن عبد العزيز الجبرين (15/5/2010)، "قصة يوسف عليه السلام (3)"، شبكة الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 9/9/2021. بتصرّف.
  4. " تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق"، التفاسير، اطّلع عليه بتاريخ 9/9/2021. بتصرّف.