تتجه معظم الروايات والأخبار التاريخيّة إلى تقسيم العرب من حيث قِدم ظهورهم إلى طبقاتٍ ثلاثةٍ، هي: العرب البائدة، والعرب العاربة، والعرب المستعربة، واعتبر المؤرخون قوم عادٍ وفق هذا التقسيم من العرب البائدة، ومن المؤرّخين من ارتأى تقسيم العرب إلى طبقتين فقط، هما: العرب العاربة وأدخل فيهم قوم عادٍ، والعرب المستعربة، ووفق أيٍّ من التقسيمين؛ فإنّ قوم عادٍ من أقدم القبائل العربيّة،[١] وفيما يلي تفصيلٌ عنها وعن تاريخ ظهورها.


تاريخ ظهور قوم عاد

قوم عادٍ هم أقدم أقوام العرب البائدة؛ لذا كان الرواة يضربون المثل في القِدم بقوم عاد، وأمّا عن ظهورهم؛ فالمعروف أنّهم كانوا في الفترة بعد قوم نوحٍ -عليه السّلام- وقبل ثمود قوم صالح، وممّا يؤكّد ذلك؛ ذكر عادٍ في آياتٍ كثيرةٍ من القرآن الكريم بعد ذكر قوم نوحٍ وقبل ذكر ثمود، ومن ذلك قول الله تعالى: (أَلَم يَأتِهِم نَبَأُ الَّذينَ مِن قَبلِهِم قَومِ نوحٍ وَعادٍ وَثَمودَ وَقَومِ إِبراهيمَ)،[٢] كما أنّ عادًا يرجعون في نسبهم إلى عوص بن أرم بن سام، وكانوا يسكنون الأحقاف، على اختلافٍ بين المؤرّخين في تعيين مكان الأحقاف، إلّا أنّ كثيرًا من الروايات تذكر أنّ الأحقاف تقع في حضرموت، وبعد أن فشت فيهم عبادة الأصنام أرسل الله تعالى فيهم نبيًّا منهم، هو نبيّ الله هود عليه السّلام، قال الله تعالى: (وَإِلى عادٍ أَخاهُم هودًا قالَ يا قَومِ اعبُدُوا اللَّـهَ ما لَكُم مِن إِلـهٍ غَيرُهُ إِن أَنتُم إِلّا مُفتَرونَ).[٣][٤][٥][٦]


صفات قوم عاد

جاء ذكر عادٍ في القرآن الكريم في أربعةٍ وعشرين موضعًا، وبيّنت الآيات أبرز صفات عاد؛ فقد كانوا متكبّرين متجبّرين، وتمتّعوا بقوةٍ جسديةٍ كبيرةٍ، وكانوا مغترّين بقوّتهم، قال الله تعالى فيهم: (فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً)،[٧] وقد أمدّ الله تعالى عادًا بنعمٍ كثيرةٍ جعلتهم يتفوّقون في المجال الزراعيّ والعمرانيّ كما جاء في قوله تعالى على لسان هود -عليه السّلام- مخاطبًا لهم: (أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ* وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ* وَإِذَا بَطَشْتُم بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ* فَاتَّقُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُونِ* وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُم بِمَا تَعْلَمُونَ* أَمَدَّكُم بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ* وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ).[٨][٦][٩]


عاقبة قوم عاد

دعا هودٌ -عليه السّلام- قوم عادٍ إلى الإيمان بالله تعالى وتوحيده، وترك ما هم عليه من عبادة الأصنام، لكنّ عادًا استكبروا وأصرّوا على كفرهم، وأكّدوا لهودٍ -عليه السّلام- أنّهم لن يؤمنوا له، واستبعدوا وأنكروا أن يقع عليهم عذابٌ من الله تعالى؛ فكانت عاقبة عاد بأن أرسل الله تعالى عليهم ريحًا عاتيةً شديدةً استمرّت فيهم سبع ليالٍ وثمانية أيّامٍ، وكانت هذه الريح من شدّتها وقوّتها تدخل عليهم بيوتهم وقصورهم حتّى أهلكتهم، قال الله تعالى: (وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ* سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ* فَهَلْ تَرَى لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ).[١٠][٤][٦]


المراجع

  1. جواد علي، المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام، صفحة 294-299. بتصرّف.
  2. سورة التوبة، آية:70
  3. سورة هود، آية:50
  4. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الموجزة في التاريخ الإسلامي، صفحة 56. بتصرّف.
  5. عبد العزيز صالح، تاريخ شبه الجزيرة العربية في عصورها القديمة، صفحة 137. بتصرّف.
  6. ^ أ ب ت أحمد أحمد غلوش، دعوة الرسل عليهم السلام، صفحة 78-85. بتصرّف.
  7. سورة فصلت، آية:15
  8. سورة الشعراء، آية:128-134
  9. "صفات قوم عاد"، إسلام ويب، 08-04-2008، اطّلع عليه بتاريخ 07/09/2021. بتصرّف.
  10. سورة الحاقة، آية:6-8