يرجع نسب قوم عادٍ إلى عاد بن عوص بن ارم بن سام، وهم إحدى أقدم قبائل العرب البائدة؛ لذا كان الرواة وأصحاب الأخبار يضربون بها المثل في القِدم، وهم من ذريّة نوحٍ -عليه السّلام- التي تكاثرت وتوزّعت في البلدان، ومع طول العهد تركوا الإيمان بالله وتوحيده، واتخذوا الأصنام والأوثان آلهةً يعبدونها، فأرسل الله -تعالى- فيهم نبيّه هود -عليه السّلام-، قال -تعالى-: (وَإِلى عادٍ أَخاهُم هودًا قالَ يا قَومِ اعبُدُوا اللَّـهَ ما لَكُم مِن إِلـهٍ غَيرُهُ أَفَلا تَتَّقونَ)،[١] وأقام قوم عادٍ في الأحقاف التي تقع جنوب الجزيرة العربيّة في مدينة حضرموت حسب قول أكثر المؤرخين المسلمين.[٢][٣][٤]


لقب قوم عاد

ورد ذكر اسم عاد في القرآن الكريم في أربعةٍ وعشرين موضعاً باسمهم عاد ونسبوا إلى نبيّهم هود في مواضع منها، كما في قوله -تعالى-: (أَلا إِنَّ عادًا كَفَروا رَبَّهُم أَلا بُعدًا لِعادٍ قَومِ هودٍ)،[٥] وقد لُقّبت عادٌ في القرآن الكريم باسم إرم ذات العماد، كما جاء في قول الله -تعالى-: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ*إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ)؛[٦] فإرم هي ذاتها عاد ووصفها الله -تعالى- بذات العماد؛ كنايةً عمّا كان عليه قوم عادٍ من عِظمٍ في البنية الجسديّة والقوّة وشدّة البأس، وقيل ذات العماد أي الأبنية التي بنوها والمصانع التي شيّدوها، وقيل في روايةٍ أخرى ذات العماد؛ لأنّ عاداً كانوا يسكنون بيت شعرٍ يرفعونها بالأعمدة الشداد؛ إلّا أنّ القول الأوّل أصح؛ لموافقته لما جاء من قول الله -تعالى- في وصف عاد: (وَاذكُروا إِذ جَعَلَكُم خُلَفاءَ مِن بَعدِ قَومِ نوحٍ وَزادَكُم فِي الخَلقِ بَسطَةً فَاذكُروا آلاءَ اللَّـهِ لَعَلَّكُم تُفلِحونَ)،[٧] وقوله -تعالى- فيهم: (فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً).[٨][٩]


عقوبة قوم عاد

دعا هودٌ -عليه السّلام- قوم عادٍ بالحكمة والموعظة الحسنة، وذكّرهم بنعم الله -تعالى- عليهم، لكنّهم استكبروا ولم يستجيبوا له، واتّهموه بالسفه والكذب كما جاء في قول الله -تعالى-: (قالَ المَلَأُ الَّذينَ كَفَروا مِن قَومِهِ إِنّا لَنَراكَ في سَفاهَةٍ وَإِنّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الكاذِبينَ)،[١٠] واستمروا على ما هم عليه من ضلالٍ وكفرٍ وأكّدوا لهود -عليه السّلام- أنّهم لن يؤمنوا معه وأنكروا أنّ يحلّ عليهم أي عذابٍ من الله، كما في قوله -تعالى- على لسانهم: (قَالُوا سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُن مِّنَ الْوَاعِظِينَ* إِنْ هَـذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ*وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ)،[١١] فلمّا تيقّن هود -عليه السّلام- من إصرارهم على الكفر توقّف عن دعوتهم، وخاطبهم أن ينتظروا عذاب الله -تعالى- الذي سيحلّ فيهم، فكان أن أرسل الله -تعالى- على عادٍ ريحًا شديدةً استمرّت طوال سبع ليالٍ وثمانية أيّامٍ؛ فأهلكتهم وتركتهم صرعى هامدين في أماكنهم بلا حِراكٍ كجذوع النخل، كما جاء في قول الله -تعالى-: (وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ*سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ*فَهَلْ تَرَى لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ)،[١٢] وأنجى الله -تعالى- هودًا -عليه السّلام- ومن كان معه من المؤمنين.[٣][٢]


المراجع

  1. سورة الأعراف، آية:65
  2. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الموجزة في التاريخ الإسلامي، صفحة 56. بتصرّف.
  3. ^ أ ب أحمد أحمد غلوش، دعوة الرسل عليهم السلام، صفحة 78-85. بتصرّف.
  4. عبد العزيز صالح، تاريخ شبه الجزيرة العربية في عصورها القديمة، صفحة 137. بتصرّف.
  5. سورة هود، آية:60
  6. سورة الفجر، آية:6-7
  7. سورة الأعراف، آية:69
  8. سورة فصلت، آية:15
  9. محمد أبو شهبة، الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير، صفحة 284-285. بتصرّف.
  10. سورة الأعراف، آية:66
  11. سورة الشعراء، آية:136-138
  12. سورة الحاقة، آية:6-8