نبي الله سليمان وهو أحد أنبياء بني إسرائيل، أرسله الله تعالى بعد والده نبيّ الله داود عليهما السّلام، قال تعالى: (وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ)،[١] وقد ورث سليمان عن داود العلم والحكمة والملك، وكان داود -عليه السّلام- يُشرك سليمان في الحكم والقضاء وتدبير أمور الدولة، وسخّر -عليه السّلام- ما منحه الله تعالى إيّاه من خوارق ومعجزاتٍ في بناء حضارةٍ عظيمةٍ.[٢]


الهدهد: الطائر الذي تحدّث مع النبي سليمان

أنعم الله تعالى على سليمان -عليه السّلام- بتمكينه من فهم لغة الحيوانات والطيور ومخاطبتها، ومنها: الهدهد، وقد جاء في القرآن الكريم في سورة النمل ذكر محادثة سليمان -عليه السّلام- مع الهدهد، حيث كان لكلّ صنفٍ من الطيور وظيفةٌ يقومون بها، وأمّا الهدهد فكانت وظيفته أنّه إذا كان سليمان وجنوده في أسفارٍ لهم واحتاجوا الماء، ذهب الهدهد فاستطلع في البقاع وبحث لهم عن الماء وأعلمهم بمكانه، وحدث أن خرج الهدهد وطال غيابه عن سليمان عليه السلام، فلمّا عاد أخبره الهدهد بما وقع عليه وشاهده في سبأ من أمر ملكتها وأهلها وعبادتهم للشمس، قال الله تعالى: (وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ* لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ* فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ* إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ* وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّـهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ).[٣][٤][٥]


لم يقتصر فهم سليمان لكلام الكائنات الأخرى على كلام والطير والهدهد، بل فهّم الله تعالى سليمانَ وعلّمه منطق حيواناتٍ وحشراتٍ ونباتٍ، وإنّما اختُصّ الطير والهدهد بالذكر؛ لأنّهم من جنده، وقد ذكر القرآن الكريم قصّة سليمان مع النملة وكيف سمع وفهم كلامها، كما جاء في قوله تعالى: (قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ* فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ).[٦][٧][٢]


معجزات أخرى للنبي سليمان

أمدّ الله تعالى نبيّه سليمان -عليه السّلام- بجملةٍ من المعجزات والخوارق إضافةً لعلمه وفهمه لمنطق الطير والحيوان، وهي:[٨][٢]

  • تسخير الريح: حيث طوّع الله تعالى الريح لسليمان -عليه السّلام- تتّجه حيث يريد وتنقله حيث يشاء.
  • تسخير الجنّ: حيث كانت الجنّ مسخّرةً لأمر سليمان -عليه السّلام- تقوم بما يُكلّفها به من مهامّ كما جاء في قول الله تعالى: (وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ* يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ).[٩]
  • إسالة النحاس: حيث سخّر الله تعالى لسليمان -عليه السلام- عينًا تُخرج نحاسًا سائلًا، استعمله سليمان في بعض الصناعات التي قام بها؛ كصناعة السلاح وغيره.
  • الإتيان بعرش ملكة سبأ: حيث أتى له أحد جنوده بعرش ملكة سبأ ذاته قبل أن يغمض سليمان -عليه السلام- عينه ويفتحها.


المراجع

  1. سورة ص، آية:30
  2. ^ أ ب ت أحمد أحمد غلوش، دعوة الرسل عليهم السلام، صفحة 419-427.
  3. سورة النمل، آية:20-24
  4. ابن كثير، البداية والنهاية، صفحة 21. بتصرّف.
  5. محمد أبو زهرة، المعجزة الكبرى القرآن، صفحة 290-292. بتصرّف.
  6. سورة النمل، آية:18-19
  7. محمد أبو زهرة، المعجزة الكبرى القرآن، صفحة 290-292.
  8. محمد أبو زهرة، المعجزة الكبرى القرآن، صفحة 290-292. بتصرّف.
  9. سورة سبأ، آية:12-13