جاء القرآن الكريم في معرض حديثه عن قصّة ضيف إبراهيم -عليه السلام- على ذكر موقف زوجته سارة -عليها السلام-، وكيف قابلت حديث الملائكة، كما جاء في قول الله -تعالى-: (وَامرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَت فَبَشَّرناها بِإِسحاقَ وَمِن وَراءِ إِسحاقَ يَعقوبَ)،[١] وفيما يأتي بيانٌ لأقوال العلماء في سبب ضحكها، ومزيد تعريفٍ بها.
سبب ضحك زوجة إبراهيم عليه السلام
تعدّدت أقوال وروايات العلماء في سبب ضحك زوجة نبيّ الله إبراهيم: سارة -عليهما السلام- بعد أن زاره ضيفه من الملائكة، وفيما يأتي بيانٌ لهذه الأقوال والروايات:[٢]
- قيل إنّ سارة ضحكت؛ بسبب زوال الخوف عن إبراهيم -عليه السلام- بعد طمأنت ضيوفه له، بأنّهم ملائكةٌ مرسلون من الله؛ لذا لم يأكلوا من الطعام الذي قدّمه لهم.
- قيل إنّ سبب ضحك سارة؛ تعجّبها من عدم أكل الضيف ممّا قدّموه لهم من طعامٍ بعد أن سعوا في خدمتهم وتحضيره لهم؛ تكريمًا لهم، فضحكت عجبًا من أنّهم لا يأكلون رغم ذلك.
- قيل إنّ ضحك سارة كان على غفلة قوم لوط -عليه السلام-، وسرورًا بأنّ الله -تعالى- سينزل عليهم ما يستحقّون من العذاب جزاءً لفسادهم وعصيانهم.
- قيل إنّ سارة ضحكت ممّا بشّرتها به الملائكة من أنّها سترزق بولدٍ؛ تعجُّبًا من أن يكون لها ولدٌ وهي وزوجها كبارٌ في السنّ وتقدّم بهما العمر، كما جاء في قول الله تعالى على لسانها: (قالَت يا وَيلَتى أَأَلِدُ وَأَنا عَجوزٌ وَهـذا بَعلي شَيخًا إِنَّ هـذا لَشَيءٌ عَجيبٌ).[٣]
- قيل إنّ سارة ضحكت فرحًا وسرورًا بما بشّرتها به الملائكة من الولد، وجاء قول الله تعالى: (فَضَحِكَت) قبل قوله: (فَبَشَّرناها)؛ من قبيل التقديم والتأخير في القرآن الكريم، بمعنى أنّ الملائكة بشّرتها بالولد؛ فضحكت بعد سماع البشرى.
تعريفٌ بسارة زوج إبراهيم عليه السلام
هي سارة زوجة نبيّ الله إبراهيم -عليه السلام-، وكانت من أقربائه، آمنت بدعوته، وهاجرت معه حين هاجر -عليه السلام- إلى فلسطين، وحين تقدّم بها العمر دون أن تُنجب ولدًا لإبراهيم -عليه السلام- ولحبّها له؛ زوّجته من جاريتها هاجر؛ فولدت له نبيّ الله إسماعيل -عليه السلام-، وقد أنعم الله -تعالى- على سارة بالولد بعد أن بلغت من العمر مبلغًا كبيرًا؛ فبشّرتها الملائكة هي وإبراهيم -عليه السلام-، وآتاهم الله -تعالى- إسحاق وكان من أنبيائه، وجعل الله في ذريّته النبوة كذلك؛ فهو أبو النبيّ يعقوب -عليه السلام-،[٤] وقيل إنّ سارة توفّي وعمرها مئةٌ واثنتان وعشرون سنةً، وقيل مئةٌ وسبعٌ وعشرون، في بلاد الشام.[٥]
نبذة عن قصّة ضيف إبراهيم
قدم على إبراهيم -عليه السلام- ضيفٌ من الملائكة على هيئة رجالٍ، ولمّا دخلوا سلّموا عليه؛ فردّ إبراهيم -عليه السلام- السلام عليهم، وسارع في إحضار الطعام لهم؛ لضيّفهم ويكرمهم، فقدّم لهم عجلًا سمينًا مشويًّا، إلّا أنّ الضيف لم يقربوا الأكل أو يأكلوا منه؛ لأنّ الملائكة -عليهم السلام- لا يأكلون ولا يشربون، ولمّا رأى إبراهيم -عليه السلام- أنّهم لا يأكلون رغم دعوته لهم؛ خاف وارتاب من أرمه؛ فطمأنوه أنّهم ملائكةٌ مرسلون من الله -تعالى-.[٦]
وتلقّى إبراهيم -عليه السلام- هو وزوجته البشرى من الملائكة؛ بأنّهما سيرزقان بإسحاق ومن ذريّته يعقوب -عليهما السلام-، وكانت زوجته تستمع لهم متعجِّبةً، وأخبرتهما الملائكة أنّهم مرسلون إلى قوم لوطٍ؛ لأنّ الله -تعالى- يريد اختبارهم وابتلاءهم بعد تكذيبهم للوط -عليه السلام-، وإصرارهم على ممارسة الفواحش التي كانوا يمارسونها، وانطلق الملائكة بعدها إلى لوط -عليه السلام- وقومه.[٦]
المراجع
- ↑ سورة هود، آية:71
- ↑ البغوي، تفسير البغوي، صفحة 456-457. بتصرّف.
- ↑ سورة هود، آية:72
- ↑ صدقي البيك (19/12/2011)، "نساء تحدث عنهن القرآن (2)"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 31/7/2022. بتصرّف.
- ↑ زينب فواز، الدر المنثور في طبقات ربات الخدور، صفحة 238. بتصرّف.
- ^ أ ب وهبة الزحيلي، التفسير المنير، صفحة 26-29. بتصرّف.