قصة داود عليه السلام
قصة داود عليه السلام مع جالوت وطالوت
وفي هذه القصّة تبرز الأسماء الثلاثة؛ جالوت الملك الظالم الذي هزم بني إسرائيل من قبل، وطالوت هو الملك الذي اختاره بني إسرائيل لقتل الملك الظالم، أمّا النبي داود -عليه السلام- فقد تصدّر لهذا الموقف، بعد استئذانه من الملك طالوت؛ فكان النصر على يديه -عليه السلام-، وقتل جالوت وجنوده وكانوا كثرة، وهم فئة قليلة وذلك بإذن الله وتأييده، فأحبّ بنو إسرائيل داود -عليه السلام-، واختاروه ملكاً عليهم بعد أن هام طالوت في الأرض؛ قال -تعالى-: (وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ).[١][٢]
قصة داود عليه السلام مع الخصمان
ذكرت التفاسير قصة سيدنا داود -عليه السلام- مع الخصمان من بني إسرائيل، وقد توسع بعضهم في تفاصيلها حتى جانبت الصحة، وتعرّضت لمقام النبي داود بصورة تنافي الأدب مع الأنبياء الكرام؛ والصحيح أنّ ما جاء فيها كان صريحاً في القرآن الكريم بقوله -تعالى-: (وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ* إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ ۖ قَالُوا لَا تَخَفْ ۖ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ* إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ).[٣][٤]
حيث كان داود -عليه السلام- يُخصّص يوماً للعبادة، ويوماً للحكم والفصّل بين الناس؛ ففي يوم العبادة وأثناء انشغاله فيها دخل عليه خصمان، وقد تسّوروا عليه بطريقة أفزعته -عليه السلام- فخاف منهم، فطمأناه وقصّا عليه أمر خصومتهما، إذ كان لأحدهما تسع وتسعون نعجة، وللآخر نعجة واحدة؛ فطلب الأول من صاحب النعجة أن يعطيه نعجته، ويضمّها إلى باقي نعاجه إلحاحاً وظُلماً؛ فقال داود -عليه السلام-: (قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ ۖ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ).[٥][٦]
إذ إنّ داود -عليه السلام- حكم بظلم صاحب النعجات لأخيه صاحب النعجة الواحدة؛ الذي طَمِعَ بما عند أخيه ليكمل عدد نعاجه فتتمّ المئة، وهذا حال كثير من الخلطاء إلا الذين آمنوا بحقّ وعملوا بموجب هذا الإيمان، ثمّ بيّنت ظاهر الآيات أنّ ما أخذه هذا الأخ بالحياء والإلحاح باطل لا يجوز، إذ يجب أن يكون العطاء بطيب نفس من صاحبه.[٧]
قصة داود عليه السلام مع أكل الزرع
احتكم بعض القوم إلى سيدنا داود -عليه السلام-؛ حيث كانوا يملكون زرعاً كثيراً، فدخلت عليه أغنام قوم آخرين وأكلت الزرع كلّه؛ فجاء الفريقان يختصمون إلى داود -عليه السلام-؛ قال -تعالى-: (وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ)،[٨] فحكم داود -عليه السلام- بعد أن قدّر ثمن الزرع وثمن الغنم بأن يأخذ أصحاب الزرع أغنام القوم كتعويض عن خسارة زرعهم؛ فصار لديهم الزرع والغنم معاً، وهنا ألهم الله النبي سليمان -عليه السلام- بالحكم المناسب.[٩]
قال -تعالى-: (فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ ۚ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا)،[١٠] فاستأذن والده بأن يقضي بينهم بالعدل، وذلك بأن يرعى أصحاب الزرع غنم القوم ريثما ينتهي أصحاب الغنم من زراعة الأرض ورعايتها؛ فإذا جاء وقت الحصاد، تسلّم أصحاب الأرض أرضهم بزرعها، وتسلّم أصحاب الغنم غنمهم دون نقص فيها، وبذا تكون المنفعة للجميع دون ظلم أو هضم لحق أحد منهم.[٩]
المراجع
- ↑ سورة البقرة، آية:251
- ↑ محمد المكي الناصري، التيسير في أحاديث التفسير، صفحة 159، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ سورة ص، آية:21- 23
- ↑ [جامعة المدينة العالمية]، الدخيل في التفسير جامعة المدينة، صفحة 263-264. بتصرّف.
- ↑ سورة ص، آية:24
- ↑ [أسعد حومد]، أيسر التفاسير، صفحة 3871. بتصرّف.
- ↑ عبد العزيز الطريفي، التفسير والبيان لأحكام القرآن، صفحة 2018، جزء 4. بتصرّف.
- ↑ سورة الأنبياء، آية:78
- ^ أ ب [أحمد أحمد غلوش]، دعوة الرسل عليهم السلام، صفحة 413-414. بتصرّف.
- ↑ سورة الأنبياء، آية:79