نبي الله يونس عليه السلام
هو يونس بن متّى ذو النّون، وصاحب الحوت؛ حيث وصفه الله -تعالى- بذلك في القرآن الكريم، قال -تعالى-: (وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا)،[١] وقال -تعالى-: (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَىٰ وَهُوَ مَكْظُومٌ)،[٢] وقد ذكرت كتب السير والتاريخ أنّه من سبط لاوي بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم -عليهم السلام-، كان من أهل الشام فبعثه الله إلى أهل نينوى.[٣]
قصة يونس عليه السلام
دعوته لقومه
بعث الله -سبحانه- نبيه يونس -عليه السلام- إلى قوم يُقال لهم الآشوريون في مدينة نينوى، حيث كانوا يعبدون الأصنام، فدعاهم يونس -عليه السلام- إلى توحيد الله -عزّ وجل-، وترك ما هم عليه من ظلم وعُدوان؛ إذ ذكرت المصادر أنّ قوم يونس كانوا يفرضون سيطرتهم على الناس بالحرب والقسوة، والظلم والاعتداء؛ فجاءهم يونس -عليه السلام- ينهاهم عن كل ذلك، وقد أمدّ الله -تعالى- بالمعجزات والوحي، لكنّهم رفضوا وأصرّوا على ما هم عليه.[٤]
مغادرته لقومه
أنذر يونس -عليه السلام- قومه بالوعيد الشديد، وحذّرهم من العقاب الأليم؛ الذي سينالهم جرّاء كذبهم وكفرهم، ولكنّهم لم يستمعوا إلى هذا التحذير والوعيد؛ فغضب منهم يونس -عليه السلام- وانطلق عبر السفينة إلى البحر، ولمّا بدا لهم اقتراب العذاب تفرّقوا وخرجوا مع أولادهم ودوابهم يستغفرون الله -سبحانه-، ويطلبون منه العفو والرحمة، وأخذوا يستغيثون بالله، ويتضرعون إليه.[٤]
ابتلاع الحوت له
لمّا ركب نبي الله يونس -عليه السلام- السفينة، هاج بهم البحر، وكانت السفينة لا تتحرّك كباقي السفن الأخرى؛ لما كان بها من حمولة زائدة؛ فاقترح القوم أن يُجروا قُرعة، ومن يقع عليه الاقتراع يُلقى في البحر؛ فاقترعوا ووقع الاختيار على يونس -عليه السلام-، ثم أعادوها فكان كذلك، ثم أعادوها فكان كذلك، حتى أُلقيَ يونس -عليه السلام- في البحر ليتقمه الحوت؛ قال -تعالى-: (وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ* إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ* فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ* فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ).[٥][٦]
وبتقديرٍ من الله -تعالى- وتدبيره كانت المعجزة بابتلاع الحوت ليونس -عليه السلام- دون أن يهضمه، فبقي في بطن الحوت حتى سبّح واعترف بذنبه؛ عندما استعجل العذاب على قومه، وهجرهم لعدم إيمانهم، دون أن يستأذن ربه -سبحانه- في ذلك؛ فقال: (أَنْ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)،[٧] فاستجاب الله -تعالى- له، ونجّاه من ظلمات البحر، والليل، وعتمة بطن الحوت، فأمر الحوت بأن يقذفه إلى الشاطئ، ثم أنبت الله له ما يأكله؛ حتى يتمكن من العودة إلى قومه.[٨]
إيمان قوم يونس عليه السلام
قَبِلَ المولى -سبحانه- إيمان وتوبة قوم يونس -عليه السلام-؛ لمّا تضرّعوا واستغفروا، فكشف عنهم العذاب، وهداهم إلى الطريق الصحيح؛ فآمنوا ونفعهم إيمانهم في الدنيا والآخرة؛ قال -تعالى-: (فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ)،[٩][١٠] ثمّ بعث الله -تعالى- نبيه يونس -عليه السلام- إلى ما يزيد عن مئة ألف، كلّهم من المؤمنين، قال -تعالى-: (وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ).[١١][١٢]
المراجع
- ↑ سورة الأنبياء، آية:87
- ↑ سورة القلم، آية:48
- ↑ أبو القاسم ابن عساكر، تاريخ دمشق، صفحة 281، جزء 74. بتصرّف.
- ^ أ ب [أحمد أحمد غلوش]، دعوة الرسل عليهم السلام، صفحة 254-255. بتصرّف.
- ↑ سورة الصافات، آية:139-142
- ↑ سليمان بن حمد العودة، شعاع من المحراب، صفحة 157-158، جزء 6. بتصرّف.
- ↑ سورة الأنبياء، آية:87
- ↑ وهبة الزحيلي، التفسير الوسيط، صفحة 1609، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ سورة يونس، آية:98
- ↑ محمد محمود حجازي، التفسير الواضح، صفحة 89-90، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ سورة الصافات، آية:147
- ↑ أبو جعفر ابن جرير الطبري، تفسير الطبري جامع البيان، صفحة 115، جزء 21. بتصرّف.