قصة سيدنا داود مع ملك الموت
جاء في السنّة النبوية ذكر قصة النبي داود -عليه السلام- مع ملك الموت، فقد أخرج الإمام أحمد في مسنده عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- جلس ذات يوم يُحدّث أصحابه -رضوان الله عليهم- في شأن داود -عليه السلام- وانتهاء أجله. فقد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أنّ سيدنا داود -عليه السلام- كان شديدة الغيرة على أهل بيته، فلا يسمح لأحدٍ أن يدخل عليهم حتى يرجع.[١]
وفي أحد الأيام أغلق سيدنا داود بيته وخرج، فأقبلت امرأته تنظر إلى البيت لتجد رجلاً غريباً يجلس في وسط البيت؛ ففزعت من ذلك وأخذت تسأل أهل البيت عن كيفيّة دخول هذا الرجل، وقد خافت من غضب النبي داود -عليه السلام- إذا عاد ورأى هذا الرجل جالساً في وسط البيت، ولمّا رجع سيدنا داود إلى بيته وجد الرجل الغريب على حاله في وسط البيت، إذ لم يغادره منذ أن رأته زوجته؛ فسأله: (... مَنْ أَنْتَ؟...)، فردّ الغريب: (... أنا الَّذي لا أهابُ المُلوكَ، ولا يَمتَنِعُ منِّي الحُجَّابُ...).[٢][١]
عندها أدرك سيدنا داود -عليه السلام- حقيقة هذا الغريب، فقال: (... أنتَ واللهِ إذَنْ مَلَكُ المَوتِ، مَرحَبًا بأَمْرِ اللهِ...)، وبقي النبي داود -عليه السلام- مكانه حتى قُبضت روحه، وارتقت إلى المولى -سبحانه-، وقد طلعت عليه الشمس. بعد ذلك أمر النبي سليمان -عليه السلام- الطير أن تُظلّ والده النبي داود -عليه السلام-، فاجتمعت الطير حتى أظلمت الأرض من كثرتها، فقال لها سليمان -عليه السلام-: (... اقْبِضِي جَنَاحًا جَنَاحًا).[٢][١]
عمر سيدنا داود عند وفاته
صحّ في السنّة النبويّة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، أنّ الله -سبحانه- قد زاد في عمر سيدنا داود -عليه السلام-عند بدء الخلق، فكان مئة عام بدل ستين عاماً، وذلك لمّا خلق سيدنا آدم -عليه السلام-، وأخرج من ظهره ذريّته وعرضهم عليه، نظر سيدنا آدم -عليه السلام- إلى رجل أعجبه، فسأل المولى -سبحانه- عنه، فأخبره -جلّ وعلا- بأنّه داود -عليه السلام-، فسأله سيدنا آدم عن العمر الذي قُدّر له، فأخبره المولى -سبحانه- بأنّ عمره ستون عاماً.[٣]
مما جعل سيدنا آدم -عليه السلام- يستأذن الله -سبحانه- بأن يمدّ في عمره، فأذن المولى له بذلك، على أن ينقص من عمر آدم -عليه السلام- ويزيدها للنبي داود -عليه السلام-، ولمّا حضرت الوفاة سيدنا آدم -عليه السلام-، وجاءت الملائكة لتقبض روحه، أخبرهم أنّه قد بقي من عمره أربعون عاماً، فذكرته الملائكة بما كان منه أول حياته، وإعطائه لداود -عليه السلام- هذه السنوات الأربعون؛ ومن هنا كان الجحود في ذريّة آدم -عليه السلام-.[٣]
الدليل من السنّة
ونصّ الحديث كما صحّ في السنّة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، أنّه قال: (... إِنَّ أَوَّلَ مَنْ جَحَدَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلامُ، أَوْ: أَوَّلُ مَنْ جَحَدَ آدَمُ -، إِنَّ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- لَمَّا خَلَقَ آدَمَ، مَسَحَ ظَهْرَهُ، فَأَخْرَجَ مِنْهُ مَا هُوَ مِنْ ذَرَارِيَّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَجَعَلَ يَعْرِضُ ذُرِّيَّتَهُ عَلَيْهِ، فَرَأَى فِيهِمْ رَجُلًا يَزْهَرُ، فَقَالَ: أَيْ رَبِّ مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا ابْنُكَ دَاوُدُ، قَالَ: أَيْ رَبِّ، كَمْ عُمْرُهُ؟ قَالَ: سِتُّونَ عَامًا، قَالَ: رَبِّ زِدْ فِي عُمْرِهِ، قَالَ: لَا، إِلا أَنْ أَزِيدَهُ مِنْ عُمْرِكَ، وَكَانَ عُمْرُ آدَمَ أَلْفَ عَامٍ، فَزَادَهُ أَرْبَعِينَ عَامًا...).[٤][٥]
ويكمل النبي -عليه السلام- فيقول: (... فَكَتَبَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- عَلَيْهِ بِذَلِكَ كِتَابًا، وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ الْمَلائِكَةَ، فَلَمَّا احْتُضِرَ آدَمُ، وَأَتَتْهُ الْمَلائِكَةُ لِتَقْبِضَهُ، قَالَ: إِنَّهُ قَدْ بَقِيَ مِنْ عُمُرِي أَرْبَعُونَ عَامًا، فَقِيلَ: إِنَّكَ قَدْ وَهَبْتَهَا لِابْنِكَ دَاوُدَ، قَالَ: مَا فَعَلْتُ وَأَبْرَزَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- عَلَيْهِ الْكِتَابَ، وَشَهِدَتْ عَلَيْهِ الْمَلائِكَةُ).[٤][٥]
المراجع
- ^ أ ب ت ابن كثير، البداية والنهاية، صفحة 320، جزء 2. بتصرّف.
- ^ أ ب رواه الإمام أحمد ، في المسند، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:9432، قال الهيثمي فيه المطلب بن عبد الله بن حنطب وثقه أبو زرعة وغيره وبقية رجاله رجال الصحيح/ وقال ابن كثير انفرد باخراجه احمد واسناده جيد قوي رجاله ثقات.
- ^ أ ب أبو جعفر ابن جرير الطبري، كتاب تاريخ الطبري تاريخ الرسل والملوك، صفحة 155-157، جزء 1. بتصرّف.
- ^ أ ب رواه الإمام أحمد، في المسند، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:2270، صححه الحاكم وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجه الشيخان.
- ^ أ ب أبو القاسم ابن عساكر، تاريخ دمشق، صفحة 391-392، جزء 7. بتصرّف.