ظهور الشيطان للنبي إبراهيم

يذكر أهل السير والتاريخ أنّ نبي الله إبراهيم -عليه السلام- اعترض الشيطان طريقه، وظهر له في أكثر من موقف؛ وقبل التفصيل في ذكرها ينبغي التنبيه إلى أنّ بعض هذه الروايات لم تثبت بنصّ صحيح أو برواية موثوقة، إنّما أوردتها كتب التاريخ في معرض الحديث عن نبي الله إبراهيم -عليه السلام-، وبيان ذلك فيما يأتي:


ظهور الشيطان عند ذبح إسماعيل

جاء في بعض الروايات أنّ الشيطان ظهر للنبي إبراهيم عندما أراد ذبح ابنه إسماعيل -عليهما السلام- بأمر من الله -تعالى-؛ حيث ذهب ليردّه عن طاعة الله -تعالى-، فقد رُوِيَ أنّ إبراهيم -عليه السلام- أخذ شفرته وأحدّها لذبح ابنه النبي إسماعيل -عليه السلام-، وأخذه معه إلى أحد الوديان ليحتطبا بعض الخشب؛ فاعترض طريقه الشيطان على هيئة رجل كبير، وسأله عن وجهته فأخبره إبراهيم -عليه السلام- بها، فما كان من الشيطان إلا أن قال له أنّ رؤياه التي رآها في المنام ما كانت إلا من وحي الشيطان، وهنا عرفه إبراهيم -عليه السلام- واستعاذ بالله منه، وصدّه صدوداً.[١]


ولمّا يئس الشيطان من النبي إبراهيم، ذهب إلى ابنه إسماعيل يحدّثه بنيّة أبيه، ويُخوّفه من ذلك ليهرب ويعصي أمر الله -تعالى-، لكنّ إسماعيل -عليه السلام- ردّ عليه بأنّ على أبيه أن يفعل ما يُؤمر به، فولّى الشيطان عنه وجاء إلى هاجر أمّ الذبيح إسماعيل -عليهما السلام-؛ فأخذ يوسوس لها ويخوّفها على ابنها؛ فصدّته هي الأخرى، وأخبرته أنّ الله -سبحانه- هو الأرحم بإسماعيل -عليه السلام-، فرجع الشيطان خائباً لم يُصب من آل إبراهيم -عليهم السلام- شيئاً،[١] ولعلّ هذه الرواية مما نُقل عند أهل السير والتاريخ دون أن تثبت أو تصحّ.


ظهور الشيطان عند رمي الجمرات

أمّا بالنسبة لهذه الرواية؛ فقد أخرج عدد من المحدثين كالطبراني، والإمام أحمد، والبيهقي أنّ الشيطان ظهر للنبي إبراهيم -عليه السلام- عندما أراد أن يرمي الجمرات الثلاث؛ حيث صحّ في الحديث عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنّه قال: (إنَّ جبريلَ ذهب بإبراهيمَ إلى جمرةِ العقبةِ، فعرض لهُ الشيطانُ، فرماهُ بسبعِ حصياتٍ فساخ، ثم أتى الجمرةَ الوسطى، فعرض لهُ الشيطانُ فرماهُ بسبعِ حصياتٍ فساخ، ثم أتى الجمرةَ القصوى، فعرض لهُ الشيطانُ، فرماهُ بسبعِ حصياتٍ فساخ..).[٢][٣]


وقد علّق الحاكم على هذا الحديث فقال: "حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، لكنّهم بالرغم من تصحيحه، إلا أنّهم نبّهوا إلى حدوث الاختلاط في آخره؛ لأنّ الذبح كان لإسماعيل لا لإسحاق -عليهما السلام-.[٣]


تنبيهات على قصة ظهور الشيطان

يُستحسن في هذا المقام التنبيه على أمرين هامّين يتعلقان بمسألة ظهور الشيطان للنبي إبراهيم -عليه السلام-؛ وذلك كما يأتي:

  • تدّعي بعض الكتب أنّ رؤيا إبراهيم -عليه السلام- الوارد ذكرها في قوله -تعالى-: (إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ)؛[٤] هي وحي من الشيطان لا من الله -سبحانه-؛ اعتماداً على الرواية التي أشرنا إليها سابقاً وهذا لا يصحّ؛ لأنّ رؤيا الأنبياء حقّ، ولا يمكن أن تكون من عند غير الله -سبحانه-.[٥]
  • أنّ شعيرة رمي الجمرات قامت بسبب رمي إبراهيم -عليه السلام- للشيطان، وهذه المعلومة غير صحيحة؛ لأنّ الشعائر تقوم عبادة لله -تعالى-، وإنّما يكون التذكر والاعتبار عند القيام بها لقصّة نبي الله إبراهيم -عليه السلام-، أو غيرها من القصص والأحداث؛ ولا يعني ذلك أن تكون العبادة شُرعت لأجلها؛ وفي هذا صحّ عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (إنَّما جُعِلَ الطَّوافُ بالبيتِ، وبينَ الصَّفا والمروةِ، ورمْيُ الجمارِ لإقامةِ ذِكْرِ اللَّهِ).[٦][٧]

المراجع

  1. ^ أ ب أبو عبد الله الفاكهي، أخبار مكة، صفحة 123، جزء 5. بتصرّف.
  2. رواه الطبراني، في المعجم الكبير، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:456، صححه الضياء المقدسي إلا قوله ذبح ابنه إسحاق ففيها خطأ.
  3. ^ أ ب عبد الرحمن المعلمي اليماني، التعقيب على تفسير سورة الفيل للفراهي ضمن آثار المعلمي، صفحة 86، جزء 8. بتصرّف.
  4. سورة الصافات، آية:102
  5. مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 1769، جزء 2. بتصرّف.
  6. رواه ابن خزيمة، في صحيح ابن خزيمة، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:475، أخرجه في صحيحه.
  7. "شعيرة الحج"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 19/12/2022. بتصرّف.