ما هي رؤية النبي يوسف؟

رأى نبي الله يوسف -عليه الصلاة والسلام- في إحدى الليالي في منامه أنّ أحد عشر كوكباً والشمس والقمر يسجدون له، فأخبر والده بما رأى، فنصحه ألّا يحدّث بتلك الرؤية أحداً من إخوته، خوفاً عليه من الحسد، ذلك أنّهم كانوا حاقدين عليه من قبل؛ لأنّه الابن الأقرب من أبيهم يعقوب -عليه الصلاة والسلام-، قال -تعالى-: (إِذ قالَ يوسُفُ لِأَبيهِ يا أَبَتِ إِنّي رَأَيتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوكَبًا وَالشَّمسَ وَالقَمَرَ رَأَيتُهُم لي ساجِدينَ*قالَ يا بُنَيَّ لا تَقصُص رُؤياكَ عَلى إِخوَتِكَ فَيَكيدوا لَكَ كَيدًا إِنَّ الشَّيطانَ لِلإِنسانِ عَدُوٌّ مُبينٌ)،[١] ورغم الحرص على عدم معرفتهم بأمر الرؤية إلّا أنّهم عَلِموا بها، فازدادوا حقداً وبُغضاً ليوسف، فاتّفقوا على التخلّص منه، فأشار أحدهم إلى قتله أو الذهاب به إلى أرض بعيدةٍ، وأشار آخرٌ إلى رميه في بئرٍ عميقةٍ واتّفقوا على ذلك، قال -تعالى-: (إِذ قالوا لَيوسُفُ وَأَخوهُ أَحَبُّ إِلى أَبينا مِنّا وَنَحنُ عُصبَةٌ إِنَّ أَبانا لَفي ضَلالٍ مُبينٍ*اقتُلوا يوسُفَ أَوِ اطرَحوهُ أَرضًا يَخلُ لَكُم وَجهُ أَبيكُم وَتَكونوا مِن بَعدِهِ قَومًا صالِحينَ*قالَ قائِلٌ مِنهُم لا تَقتُلوا يوسُفَ وَأَلقوهُ في غَيابَتِ الجُبِّ يَلتَقِطهُ بَعضُ السَّيّارَةِ إِن كُنتُم فاعِلينَ).[٢][٣][٤]


وطلب إخوة يوسف من أبيهم أن يأخذوا يوسف معهم في اليوم التالي في رعي الأغنام، فأجابهم بالخوف على يوسف، فأصرّوا على أخذه، فأخذوه ونفّذوا خطّتهم، فقيّدوه ورموه في البئر، وذهبوا إلى أبيهم بقميص يوسف وعليه بعض الدماء وأخبروه بأنّ الذئب أكله، إلّا أنّ يعقوب -عليه السلام- عَلِم بأنّ هناك مكيدةً دبّروها للتخلّص من يوسف، فوكّل أمره لله في تفريج كربه، قال -تعالى- على لسان نبيه يعقوب: (قالَ بَل سَوَّلَت لَكُم أَنفُسُكُم أَمرًا فَصَبرٌ جَميلٌ وَاللَّـهُ المُستَعانُ عَلى ما تَصِفونَ)،[٥] ومكث يوسف -عليه السلام في البئر إلى أنّ مرّت قافلةٌ تجاريةٌ في طريقها إلى مصر تريد الزوّد بالماء فأخذوا يوسف معهم ليستقرّ به الحال في بيت عزيز مصر، ثمّ مكّن الله -تعالى- ليوسف في الأرض، قال -سبحانه-: (وَجاءَت سَيّارَةٌ فَأَرسَلوا وارِدَهُم فَأَدلى دَلوَهُ قالَ يا بُشرى هـذا غُلامٌ وَأَسَرّوهُ بِضاعَةً وَاللَّـهُ عَليمٌ بِما يَعمَلونَ*وَشَرَوهُ بِثَمَنٍ بَخسٍ دَراهِمَ مَعدودَةٍ وَكانوا فيهِ مِنَ الزّاهِدينَ*وَقالَ الَّذِي اشتَراهُ مِن مِصرَ لِامرَأَتِهِ أَكرِمي مَثواهُ عَسى أَن يَنفَعَنا أَو نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذلِكَ مَكَّنّا لِيوسُفَ فِي الأَرضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأويلِ الأَحاديثِ وَاللَّـهُ غالِبٌ عَلى أَمرِهِ وَلـكِنَّ أَكثَرَ النّاسِ لا يَعلَمونَ).[٦][٣][٤]


دلالة وتفسير رؤية النبي يوسف

التقى يوسف -عليه الصلاة والسلام- بأبيه يعقوب -عليه السلام- وإخوته بعد سنواتٍ من الفراق والتشتت وكان وزيراً ومديراً للشؤون المالية في مصر، وتحقّقت الرؤية التي رآها يوسف -عليه السلام- فرفع أبويه على كرسي المَلك وسجد له إخوته، فالكواكب التي رآها في منامه دلّت على سجود إخوته له، والشمس والقمر دلالةٌ على أبويه، وتجدر الإشارة إلى أنّ إخوته سجدوا له سجود تشريفٍ وتكريمٍ وليس سجود عبادةٍ، قال -تعالى-: (وَرَفَعَ أَبَوَيهِ عَلَى العَرشِ وَخَرّوا لَهُ سُجَّدًا وَقالَ يا أَبَتِ هـذا تَأويلُ رُؤيايَ مِن قَبلُ قَد جَعَلَها رَبّي حَقًّا وَقَد أَحسَنَ بي إِذ أَخرَجَني مِنَ السِّجنِ وَجاءَ بِكُم مِنَ البَدوِ مِن بَعدِ أَن نَزَغَ الشَّيطانُ بَيني وَبَينَ إِخوَتي إِنَّ رَبّي لَطيفٌ لِما يَشاءُ إِنَّهُ هُوَ العَليمُ الحَكيمُ).[٧][٨]

المراجع

  1. سورة يوسف، آية:4-5
  2. سورة يوسف، آية:8-10
  3. ^ أ ب "قصة يوسف عليه السلام في القرآن"، إسلام ويب، 29/7/2012، اطّلع عليه بتاريخ 19/12/2021. بتصرّف.
  4. ^ أ ب "سورة يوسف - تفسير السعدي"، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 19/12/2021. بتصرّف.
  5. سورة يوسف، آية:18
  6. سورة يوسف، آية:19-21
  7. سورة يوسف، آية:100
  8. صلاح عبدالشكور (18/3/2019)، "تأملات في حديث يوسف -عليه السلام- عن فضل الله"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 19/12/2021. بتصرّف.