مقدمة قصة سيدنا يونس مع الحوت

وردت قصة سيدنا يونس في القرآن الكريم في عدد من السور، وهي سورة يونس، وسورة الصافات، وسورة القلم، وسورة الأنبياء، وهي قصة موجزة ليس فيها تفصيل كثير، والله أعلم المراد فيها مما هو ظاهر العبرة، من أن نبي الله يونس يأس من إيمان قومه الذين بعث لهم، وأنه أبلغهم بالعذاب الواقع فيهم، وخرج من قريتهم وهو غاضب منهم قبل أن يأذن له الله -سبحانه- وتعالى، فما كان من قومه إلا أن أمنوا لم رأوا العذاب مقبلاً عليهم.[١]


أما سيدنا يونس ذهب إلى البحر، فركب في سفينة، وحدثت معه القصة التي سوف نسردها كما وردت في كتاب الله وسنة رسوله خلال هذا المقال.[١]


قصة نبي الله يونس مع الحوت

بعد أن خرج سيدنا يونس من عند قومه وهو مغاضب لهم، أي غضبان من فعلهم وعدم إيمانهم، توجه إلى البحر، وقد ركب سفينة مع قوم يعرفون صلاحه، ولما كانت السفينة في عرض البحر اضطربت بهم، وقد أولوا ذلك لأن فيها وزناً زائداً، فكان رأيهم أن يقترعوا فيما بينهم، وأن يلوقوا من وقعت عليه القرعة، وقد أشير إلى ذلك في القرآن الكريم بلفظ، (فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ) [الصافات: آية 141].[٢][٣]


ويروى في هذا أنه في أول مرة اقترعوا وقعت على سيدنا يونس القرعة، فأعادوها لمعرفتهم بصلاحه، وثم وقعت عليه القرعة مرة أخرى، فهم أن يلقي بنفسه، ولكن منعوه إلى أن اقترعوا مرة ثالثة، فكان أمر الله أن تقع عليه القرعة، وأن يرمى في البحر، ولما رمي في البحر سخر الله تعالى حوتًا ضخمًا التقمه، (فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ) [الصافات: آية 142].[٣]


وفي تفسير هذه الآية أنه لما ألقي به في البحر التقمه الحوت، وجعله في بطنه والله أعلم، وكان هذا الابتلاء وقع له لفعل جاء به يلام عليه، أي أنه ترك قومه وهو غاضب عليهم قبل أن يأذن له الله تعالى، بعد ذلك بقي سيدنا يونس في بطن الحوت ما شاء الله، وهناك عدة روايات عن المدة التي قضاها، فمنها ما يخبر أنه يوم واحد، ومنا ما يخبر أنه ثلاثة أيام، ومنها ما يخبر أنه أكثر من ذلك، وليس في ذلك يقين.[٢][٣]


أما الصحيح في ذلك قوله تعالى (فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (144)) [الصافات: آية 143،144]، فلم يذكر المدة التي مكث فيها يونس -عليه السلام- في بطن الحوت، ولكن ما ذكر أن الله -سبحانه وتعالى- نجاه لأنه كان من المسبحين الذاكرين لله قبل الابتلاء وخلاله، أنه لو لم يكن من المسبحين لأبقاه الله تعالى في بطن الحوت إلى يوم القيامة.[٣]


لمَّا أذن الله -عز وجل- أن يخرج يونس -عليه السلام- من بطن الحوت، وخرج إلى أرض عارية جرداء ليس فيها نبات ولا شجر، وقد وصفه الله تعالى حاله بأنه سقيم، أي مريض، فأنبت عليه سبحانه وتعالى شجرة من يقطين، وجاء في تفسير معنى القطين أنه القرع أو ما شابهه من نبات ليس له ساق.[٣]


كما جاء في تفسير هذه الآية أن شجرة اليقطين التي أنبتها الله تعالى على يونس عليه السلام، كن يستظل بها ويأكل منها حتى ذهب عنه سقمه، ثم بعثه الله سبحانه وتعالى إلى قوم عددهم مئة ألف أو أكثر، فأمنوا جميعهم به، ويقال أنهم إما قومه الذي ذهب عنه او قوم آخرين، والله أعلم،(فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ (145) وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ (146) وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (147) فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ (148)) [الصافات: آية 145،148].[٣]



المراجع

  1. ^ أ ب الشيخ عمر الأشقر رحمه الله ، صحيح القصص النبوي، صفحة 124 -126. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ابن كثير، كتاب قصص الأنبياء، صفحة 389. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت ث ج ح "تفسير سورة الصافات - تفسير الطبري"، مشروع المصحف الإلكتورني بجامعة الملك سعود، اطّلع عليه بتاريخ 20/11/2023. بتصرّف.