اليسع عليه السلام

تذكر المصادر أنّ نبي الله اليسع -عليه السلام- كان من أنبياء بني إسرائيل، وقيل إنّ اسمه: "الْأَسْبَاطُ بْنُ عَدِيِّ بْنِ شُوتَلْمَ بْنِ أَفْرَاثِيمَ بْنِ يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ"،[١] وقد ذكر المولى -سبحانه- نبوته مع نبوة الأنبياء الآخرين؛ قال -تعالى-: (وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ)،[٢] وقال -تعالى-: (وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيَارِ).[٣][٤]


ونُسب إلى بعض المؤرخين القول بأنّ بين اليسع والنبي إلياس -عليهما السلام- صلة قرابة ومعاصرة؛ فقيل إنّ اليسع ابن عمّ إلياس، أو ابن أخيه -عليهما السلام-، وقد تعاصرا في بني إسرائيل، وقد كان اليسع -عليه السلام- مستخفياً مع إلياس -عليه السلام- في جبل هرباً من بطش ملك تلك البلاد،[١] ورأى بعضهم أنّ اليسع بُعث بعد إلياس -عليهما السلام-؛ وظلّ يدعو قومه إلى الحق والتوحيد، ويُبيّن لهم ضلالهم وخطأهم حتى همّوا بقتله، فآوته أمّ إلياس -عليه السلام- وقد كان اليسع -عليه السلام- مريضاً، فدعا له إلياس -عليه السلام- فشافاه الله -تعالى- من مرضه.[٤]


وقد تعددت الآراء في اسم اليسع -عليه السلام-؛ فقيل هو اسم أعجمي، وقيل عربي على وزن لفع وهو في الأصل يسعى، وقيل على وزن يَعَلُ وهو في الأصل يوْسع، كما قيل على وزن فَعَل والياء من أصل الكلمة، وسبب تسميته باليَسع لسعة علمه، أو لسعيه في طلب الحق والرشاد.[٥]


دعوة اليسع عليه السلام

جاء في كتب السير والتراجم أنّ اليسع -عليه السلام- كان متمسكاً بشريعة ومنهج إلياس -عليه السلام-، وقد مكث في الأرض ما شاء الله -تعالى- أن يمكث، يدعو ويُرشد ويهدي بني إسرائيل إلى الطريق المستقيم، حتى قبضه الله -تعالى- إليه، فعظُمت الأحداث من بعده، وكثرت الفتن والخطايا، وانتشر القتل حتى لحق بالأنبياء -عليهم السلام-، وازداد الجبابرة، وانتكس القوم بعد أن آمنوا واهتدوا؛ إذ استمرّوا في الإيمان بدعوة اليسع -عليه السلام- ويعظمونه حتى قبضه الله -تعالى-، فعادوا إلى الكفر والضلال.[٦]


اليسع وذا الكفل عليهما السلام

رُوي أنّ اليسع -عليه السلام- لمّا كَبِر أراد أن يستخلف على القوم رجلاً من بعده؛ فقام يطلب ذلك في قومه؛ واشترط أن يتكفّل هذا الرّجل بصيام النهار وقيام الليل، والتروّي بالأمر بين الناس من غير غضب؛ فلمّا سأل القوم قام له أحد الرجال، ولكتّه لم يختره، وأعاد الأمر والطلب غير مرة فكان يقوم له ذات الرجل؛ فلمّا أراد اليسع -عليه السلام- استخلافه، تهيأ له الشيطان بهيئة شيخ كبير مظلوم ليُفسد عليه وعده وعهده.[٧]


وأخذ يُشغله مرة في الليل عن العبادة والقيام، ومرة في النهار عن الصيام والتقوي على شأنه، حتى زاد عليه في الأمر وأراد أن يغضبه؛ ولكنّ هذا الرجل بقي على عهده، ملتزماً بما تكفّل به لليسع -عليه السلام-، ثم بان له حقيقة هذا الشيخ الكبير وعلم أنّه عدو الله إبليس جاء ليُفسد عليه أمره، ولكنّه لم يُفلح بذلك؛ فكان هذا الرجل هو ذا الكفل -عليه السلام-؛ سُمّي بذلك لتكفّله بأمر العبادة وحسن التعامل مع الناس.[٧]

المراجع

  1. ^ أ ب ابن كثير، البداية والنهاية، صفحة 4، جزء 2. بتصرّف.
  2. سورة الأنعام، آية:86
  3. سورة ص، آية:48
  4. ^ أ ب أحمد أحمد غلوش، دعوة الرسل عليهم السلام، صفحة 395. بتصرّف.
  5. الفيروزآبادي، بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز، صفحة 79، جزء 6. بتصرّف.
  6. ابن كثير، البداية والنهاية، صفحة 285، جزء 2. بتصرّف.
  7. ^ أ ب الثعلبي، تفسير الثعلبي الكشف والبيان عن تفسير القرآن، صفحة 227-229، جزء 18. بتصرّف.