نبيّ الله إسماعيل -عليه السلام- هو ابن أبي الأنبياء إبراهيم -عليه السلام-؛ حيث رزق الله -تعالى- إبراهيم وزوجته هاجر بإسماعيل -عليهم السلام-، بعد أن بلغ إبراهيم -عليه السلام- الكبر، وعرف إسماعيل -عليه السلام- بأبي العرب؛ لأنّ نسل العرب منه، وبعث نبيًّا فيهم، قال الله -تعالى- في إسماعيل -عليه السلام-: (وَاذكُر فِي الكِتابِ إِسماعيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الوَعدِ وَكانَ رَسولًا نَبِيًّا* وَكانَ يَأمُرُ أَهلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ وَكانَ عِندَ رَبِّهِ مَرضِيًّا)،[١][٢] وقد حفل القرآن الكريم بذكر مواقف من حياة إسماعيل -عليه السلام-، وفيما يأتي ذكرٌ لها.


من قصص إسماعيل عليه السلام

قصة إسماعيل وماء زمزم

يُروى أنّه بعد ولادة هاجر لإسماعيل -عليه السلام-؛ غارت سارة زوجة إبراهيم -عليه السلام- منها؛ فأخذهما إبراهيم وهاجر بهما إلى أرض مكّة، وكانت وقتها أرضًا فارغةً لا ناس فيها، ولا ماء، ولا نبت، وتركهما هناك، وهمّ بالمغادرة، فسألته هاجر إن كان فعله هذا بأمرٍ من الله -تعالى-، وأجابها بنعم؛ فاطمأنت هاجر -عليها السلام- بأنّ الله لن يضيعها وابنها إسماعيل -عليه السلام-.[٣]


وأخذت هاجر -عليها السلام- تسعى ذهابًا وإيابًا بين جبلي الصفا والمروة؛ بحثًا عن ناسٍ أو ماءٍ، ففجر الله -سبحانه وتعالى- بأمره من الأرض ماءً، وأخذت هاجر تحيط الماء وتزمّه بيديها؛ لذا سمّيت بماء زمزم، وبعد نبع الماء نبت الأرض، وقدم إليها الناس، وكان ممّن قدم وسكن فيها قبيلة جرهم؛ وهي إحدى القبائل العربيّة، ومنها تعلّم إسماعيل اللسان العربي، وتزوّج منهم، وبعث فيهم نبيًّا.[٣]


قصة ذبح إسماعيل وافتدائه

كبر إسماعيل -عليه السلام- وصار شابًا، وكان ما زال مع والدته هاجر في مكّة، يأتيهم إبراهيم -عليه السلام- بين الحين والآخر زائرًا؛ ليطمئن عليهم، وفي مرّةٍ من المرّات، رأى إبراهيم -عليه السلام- في منامه أنّه يذبح إسماعيل -عليه السلام-؛ فأراد -عليه السلام- الامتثال لأمر الله -تعالى-؛ فرؤيا الأنبياء وحيٌ من الله، وحين أراد إبراهيم ذبح إسماعيل -عليهما السلام-، أخبره برؤياه، فامتثل إسماعيل وسلّم لأمر الله -تعالى- قائلًا: (يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّـهُ مِنَ الصَّابِرِينَ)،[٤] وهمّ إبراهيم -عليه السلام- بذبحه، إلّا أنّ الله -تعالى- حين رأى تسليمهما لأمره؛ افتدى إسماعيل بكبشٍ، وذبحه إبراهيم لله -تعالى-.[٥]


قصة إسماعيل مع زوجتيه

تزوّج إسماعيل -عليه السلام- من امرأتين من قبيلة جرهم التي عاش بينهم في مكة المكرّمة، ورُوي أنّ إبراهيم -عليه السلام- حين قدم إلى مكّة المكرّمة لزيارة إسماعيل -عليه السلام-، فلقته زوجة إسماعيل الأولى؛ فسألها عن حلهم، فأجابته: "نحن بشر وسوء حال"، فسألها أن تبلغ إسماعيل السلام، وتخبره بأن يُغيّر عتبة بيته؛ أي يطلّق زوجته هذه ويتركها، وقدم إبراهيم مرَّةً أُخرى لزيارة إسماعيل، ولقيته زوجته الثانية، فسألها إبراهيم عن عيشته، فأجابته: "نحن بخير وسعة، والحمد لله"، فسألها أن تبلّغ إسماعيل السلام، وتخبره بأن يثبّت عتبة بيته؛ أي يحافظ على زوجته ولا يُفارقها.[٢]

قصة إسماعيل وبناء الكعبة

أمر الله -سبحانه وتعالى- نبيّه إبراهيم -عليه السلام- بأن يعيد بناء الكعبة المشرفة، ويرفع قواعدها؛ فأعان إسماعيل أباه إبراهيم -عليهما السلام- في بناء الكعبة، وذلك كما جاء في قوله -تعالى-: (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ* رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ).[٦][٢]

المراجع

  1. سورة مريم، آية:54-55
  2. ^ أ ب ت أحمد أحمد غلوش، دعوة الرسل عليهم السلام، صفحة 174-178. بتصرّف.
  3. ^ أ ب عبد الإله بن عبد الله السعيدي، قصة الحياة، صفحة 41-42. بتصرّف.
  4. سورة الصافات، آية:102
  5. محمد أبو شهبة، السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة، صفحة 112-113. بتصرّف.
  6. سورة البقرة، آية:127-128