قصة النبي شيث عليه السلام

النبي شيث عليه السلام

هو شيث بن آدم -عليهما السلام- أجمل ولد آدم، وأفضلهم وأشبههم به -عليهما السلام-، وإليه ينتهي أنساب الناس كلهم؛ إذ إنّ أنساب ولد آدم من غير شيث -عليه السلام- ماتوا وانقرضوا، وتذكر المصادر أنّ شيث -عليه السلام- عاش تسعمائة واثني عشر سنة، وولد له أنوش، وبنون وبنات،[١] أمّا عن اسمه فقد رُوي أنّ الله -تعالى- عوّض آدم -عليه السلام- بعد مقتل ابنه هابيل بشيث -عليه السلام-؛ فكان هبة من الله -تعالى- لنبيّه آدم -عليه السلام-؛ لذا سمّي شيث بهذا الاسم.[٢]


نبوة شيث عليه السلام

أوصى آدم -عليه السلام- لابنه شيث بالنبوة من بعده؛ إذ إنّ الروايات تنصّ على أنّ آدم -عليه السلام- مرض قبل موته أحد عشر يوماً، ثم أوصى إلى ابنه شيث -عليه السلام- وكتب وصيته، وبعد ذلك دفع هذه الوصية إلى شيث وأمره أن يخفيه عن قابيل؛ الذي قتل أخاه حسداً منه؛ فأخفى شيث -عليه السلام- ما عنده من علم حتى توفي والده آدم -عليه السلام-.[٣]


وقد روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (أربعةٌ سُريانيُّونَ: آدمُ وشِيثُ وأخنوخُ -وهو إدريسُ- ونوح.. أُنزِل على شِيثَ خمسونَ صحيفةً)،[٤]وقد جمع شيث -عليه السلام- ما أُنزل إليه من الصحف إلى صحف أبيه آدم -عليه السلام-؛ وعمل بها جميعاً، وقد لازم مكة المكرمة يحجّ فيها ويعتمر، وقد قيل إنّ شيث -عليه السلام- هو من بنى الكعبة المشرفة من الحجارة والطين.[٥]


فساد قوم شيث عليه السلام

نُقل عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنّه لمّا تلا قوله -تعالى-: (وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى)؛[٦] فسّر تبرّج الجاهلية الأولى بما كان من أيام شيث -عليه السلام- وأخيه قابيل؛ حيث كان قوم أحدهما يسكن الجبل، وقوم الآخر يسكن السهل؛ فتمثل إبليس لأحد رجال قابيل بصورة غلام، وأسمعهم صوتاً لم يسمعوه قبل ذلك؛ فكان صوت الموسيقى، كما اتخذوا عيداً لهم يجتمعون فيه، وقد كانت النساء تتبرّج فيه لتستدرج الرجال؛ فيقع القوم في فاحشة الزنا.[٧][٨]


حتى هجم عليهم رجلاً من قوم شيث -عليه السلام- ورأى ما كان به القوم من الفواحش، فذهب إلى قومه وأخبرهم بما شاهده، حتى تحولوا إليهم وصنعوا مثل ما صنع القوم، وانتشرت المحرّمات بينهم، فكانت هذه الواقعة هي تبرّج الجاهلية الأولى،[٨] وقد ورد في كتب السير والتراجم أنّ شيث -عليه السلام- قد جمع قومه، وقام فيهم خطيباً يُحذّرهم من إبليس ووساوسه، ويوصيهم بالابتعاد عن قوم قابيل ومخالطتهم، لكنّهم لم يستمعوا لكل ذلك حتى وقعوا بالفواحش والمنكرات.[٩]


وبعد ذلك وقع القتال بين شيث -عليه السلام- وقابيل، ولمّا صار قابيل بين يدي شيث -عليه السلام- أمر الملائكة أن تأخذه مغلولاً إلى عين الشمس، فمات كافراً، وصارت ذريته من بعده عبياً وإيماءً لشيث -عليه السلام- وقومه،[١٠]ولعلّ هذه الروايات -وإن صحّ إسناد بعضها- مما نُقل عن أهل الكتاب، والذي يجدر بنا أنّ نتوقف عندها دون تصديق أو تكذيب إلا ما وافق منها الشرع.


وفاة شيث عليه السلام

قيل إنّ شيث -عليه السلام- بقي يُعمّر الأرض، ويُقيم الحدود على المفسدين حتى حضرته الوفاة، وأوصى لابنه أنوش من بعده، وقد تعددت الآراء في مكان دفنه؛ فقيل في الهند، وقيل بمكة المكرمة، بالغار الذي دُفن فيه أبويه آدم وحواء -عليهما السلام-؛[١١] في جبل أبي قبيس.[١٢]



مواضيع أخرى:

سلالة الأنبياء

زمن ظهور الأنبياء

المراجع

  1. الصحاري، الأنساب، صفحة 15. بتصرّف.
  2. البلاذري، أنساب الأشراف، صفحة 3، جزء 1. بتصرّف.
  3. أبو جعفر ابن جرير الطبري، تاريخ الطبري تاريخ الرسل والملوك، صفحة 158، جزء 1. بتصرّف.
  4. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أبي ذر الغفاري، الصفحة أو الرقم:361 ، أخرجه في صحيحه.
  5. ابن الجوزي، المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، صفحة 229، جزء 1. بتصرّف.
  6. سورة الأحزاب، آية:33
  7. رواه الحاكم، في المستدرك على الصحيحين، عن عكرمة، الصفحة أو الرقم:4061، سكت عنه وقال في المقدمة رواته ثقات احتج بمثله الشيخان أو أحدهما.
  8. ^ أ ب سليم الهلالي، الاستيعاب في بيان الأسباب، صفحة 103، جزء 3. بتصرّف.
  9. العصامي، سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي، صفحة 131-132، جزء 1. بتصرّف.
  10. النويري، شهاب الدين، نهاية الأرب في فنون الأدب، صفحة 36، جزء 13. بتصرّف.
  11. سبط ابن الجوزي، مرآة الزمان في تواريخ الأعيان، صفحة 292، جزء 1. بتصرّف.
  12. ابن كثير، البداية والنهاية، صفحة 231، جزء 1. بتصرّف.