صفات يوسف عليه السلام الجسدية

عاش يوسف عليه السلام متمتِّعاً بما حباه الله -تعالى- من جمالٍ فائق، وقد أخرج الحاكم في المستدرك حديث: (أُعْطيَ يوسُفُ وأمُّه شَطرَ الحُسنِ)،[١] وقد تقرّر عند عموم النّاس أنّ يوسف -عليه السلام- بلغ حدَّاً كبيراً من الجمال، حتى أنّهم كانوا يصفونه بالملائكة من شدّة حُسْنِه وجمال منظره،[٢] أمّا صفاته الجسدية بالتفصيل فلم تثبت في النصوص الشرعية الصحيحة.


وقد نُقِل في كتب أهل العلم وصف كعب الأحبار ليوسف -عليه السلام-، إذْ قال عنه: "كان يوسف حسن الوجه جعد الشعر، ضخم العينين، مستوي الخلق، أبيض اللون، غليظ الساقين والساعدين والعضدين، خميص البطن، صغير السرة، وكان إذا ابتسم رأيت النور في ضواحكه، وإذا تكلم رأيت في كلامه شعاع النور، ينبهر بين ثناياه ولا يستطيع أحد وصفه، وكان حسنه كضوء النهار عند الليل".[٣]


وهذه التفاصيل الواردة في صفاته الجسدية نتوقّف في أمرها؛ فلا نصدّقها ولا نكذّبها؛ إذ لم يأتِ بخصوصها دليل ثابت في القرآن الكريم أو السّنة النّبوية، إلا ما ثبت ذكره من شدّة جماله على وجه العموم دون إسهاب في تفاصيل هذا الجمال.


وصف جمال يوسف عليه السلام في القرآن

بيّن القرآن الكريم في سورة يوسف ما يدلّ على شدّة حُسنِ وجمال نبيّ الله يوسف -عليه السلام-، حيث بدأ خبر مراودة امرأة العزيز ليوسف -عليه السلام- ينتشر بين النّساء، فما كان من امرأة العزيز إلا أنْ جمعت النساء عندها لتُريهم عذرها فيما لاموها عليه، ونذكر تسلسل الآية الواحدة والثلاثين من سورة يوسف في بيان ذلك آتياً:[٤]

  • قال -تعالى- عن امرأة العزيز بعد أن انتشر خبر مراودتها لِفَتاها: (فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً)؛[٥] أي: لمّا علِمت بخوضهنّ في عِرضها أعدّت لهنّ مجلساً فيه أنواعاً من الفواكه والأطعمة والأشربة، فلبّوا دعوتها.
  • (وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا)؛ أي تعمّدت إعطاء كلّ واحدةٍ منهنّ سكيناً لغايةٍ في نفسها.
  • بعد ذلك أمرت يوسف -عليه السلام- بالخروج عليهنّ، إذْ كان عبداً مأموراً في بيت سيّده، قال -تعالى-: (وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ).
  • (فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ)؛ أي: انْبهرنَ به وأعظمنه إعظاماً شديداً، ورفعن من شأنه؛ لحُسن مظهره.
  • (وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ)؛ وهذا ما صنعه جمال النبيّ يوسف -عليه السلام- الفائق في عقولهنّ! فقد أصبحت أذهانهنّ منصبّة فقط على حُسن وجمال منظر يوسف -عليه السلام-، حتّى أنّهنّ من شدّة جماله قطّعن أيديهنّ بالسكّين دون أنْ يشعرن بألم ذلك.
  • وصفت النّساء يوسف -عليه السلام- بأنّه ملك، قال -تعالى-: (وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ).


صفات يوسف عليه السلام الأخلاقية

تميّز نبيّ الله يوسف -عليه السلام- بالعديد من الصفات الأخلاقية الكريمة التي لا يكفي المقام لذكرها، إذْ كان من صغره متميِّزاً بين أقرانه بحسن خلقه، وسعة عقله، وقد أحبَّه والده حُبَّاً جمَّاً؛ لذكائه، وصغر سنّه، وحسن خلقه، وزاد من حبّه إياه تلك الرؤيا التي بشّر الله -تعالى- بها يوسف -عليه السلام-.[٦]


وقد اقتدى يوسف -عليه سلام- بأبيه يعقوب عليه السلام في أدبه وخلقه الكريم، وظهر ذلك جليَّاً في جميع مراحل حياته، وممّا اشتُهِر به تميّزه بالعفّة والطهارة، إذْ ظهر ذلك عندما راودته امرأة العزيز عن نفسه، وهيّأت له نفسها، وبذلت في ذلك كلّ السُّبل، فما كان منه -عليه السلام- إلا أنْ: (قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ)،[٧] فرغم أنّه في شبابه إلا أنّه لم يضعف أمام جمالها وحِيلهَا في مراودته، بل لازم العفّة والخوف من الله.[٨]

المراجع

  1. رواه الحاكم، في المستدرك على الصحيحين، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:4132، صحيح على شرط مسلم.
  2. حسن أبو الأشبال، شرح صحيح مسلم، صفحة 5، جزء 79. بتصرّف.
  3. الثعلبي، تفسير الثعلبي، صفحة 204، جزء 5.
  4. مصطفى العدوي، سلسلة التفسير، صفحة 10، جزء 26. بتصرّف.
  5. سورة يوسف، آية:31
  6. أحمد أحمد غلوش، دعوة الرسل عليهم السلام، صفحة 191. بتصرّف.
  7. سورة يوسف، آية:23
  8. أحمد أحمد غلوش، دعوة الرسل عليهم السلام، صفحة 224. بتصرّف.