صفات يعقوب عليه السلام
التوكل على الله
توكّل يعقوب -عليه الصلاة والسلام- على الله وحده، وعُرف واشتُهر بذلك وعلّم أبناءه أيضاً التوكّل على الله وحده، وأنّ كلّ شيءٍ بيده وأمره ولا يقع إلّا بمشيئته، وأنّ التعلّق لا يكون إلّا به، فهو المتّصف بصفات الكمال كلّها والمنزّه عن أيّ نقصٍ أو عيبٍ، وأنّه المُنعم والمتفضّل على عباده، فالفضل له وحده، ولذلك خاطب أبناءه قائلاً لهم: (يا بَنِيَّ لا تَدخُلوا مِن بابٍ واحِدٍ وَادخُلوا مِن أَبوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَما أُغني عَنكُم مِنَ اللَّـهِ مِن شَيءٍ إِنِ الحُكمُ إِلّا لِلَّـهِ عَلَيهِ تَوَكَّلتُ وَعَلَيهِ فَليَتَوَكَّلِ المُتَوَكِّلونَ)،[١] فأرشدهم -عليه الصلاة والسلام- إلى دخول مصر من أبواب متفرقةٍ وعدم دخولهم جميعاً من بابٍ واحدٍ، ثمّ وكّل أمره وشأنه لله -تعالى-، فقد أخذ بالأسباب أولاً وأرشد أبناءه ما يفعلون، ثمّ توكّل على الله، وبذلك تعلّق يعقوب بالله وحده وتوكّل عليه في أموره كلّها.[٢][٣]
الشكوى لله وحده
أظهر يعقوب -عليه الصلاة والسلام- حزنه وشكواه وألمه لله وحده، يظهر ذلك جليّاً في قصة ضياع ابنه يوسف -عليه الصلاة والسلام- حينما أخذوه إخوته معهم وجعلوه في البئر، وأخبروا أباهم يعقوب أنّ الذئب أكله، فتعلّق قلبه حينها بالله وحده، وآمن إيماناً يقيناً بأنّ الله قادرٌ على كلّ شيءٍ، فخضع وذلّ وانكسر بين يديه، وأظهر حاجته له وحده، وتكرّر الأمر معه حينما حُبس أخٌ آخرٌ لهم في مصر، ومن شدّة حزن يعقوب -عليه الصلاة والسلام- فَقَدَ بصره، إلّا أنّه بقي متعلّقاً بالله وحده، شاكياً حُزنه له، ولم يُصاب باليأس قطّ، قال -تعالى-: (وَتَوَلّى عَنهُم وَقالَ يا أَسَفى عَلى يوسُفَ وَابيَضَّت عَيناهُ مِنَ الحُزنِ فَهُوَ كَظيمٌ*قالوا تَاللَّـهِ تَفتَأُ تَذكُرُ يوسُفَ حَتّى تَكونَ حَرَضًا أَو تَكونَ مِنَ الهالِكينَ*قالَ إِنَّما أَشكو بَثّي وَحُزني إِلَى اللَّـهِ وَأَعلَمُ مِنَ اللَّـهِ ما لا تَعلَمونَ*يا بَنِيَّ اذهَبوا فَتَحَسَّسوا مِن يوسُفَ وَأَخيهِ وَلا تَيأَسوا مِن رَوحِ اللَّـهِ إِنَّهُ لا يَيأَسُ مِن رَوحِ اللَّـهِ إِلَّا القَومُ الكافِرونَ)،[٤] فقد أظهر يعقوب حزنه وألمه وبكاءه لله وحده، وكان على يقينٍ بأنّه سيُجيبه ويحقّق له حاجاته.[٢][٥]
حسن الظن بالله
أحسن يعقوب -عليه الصلاة والسلام- الظنّ بالله -عزّ وجلّ-، فرغم ما أصابه من الشدائد والأحزان إلّا أنه لم ييأس أبداً، وعلّم أبناءه أيضاً عدم اليأس والقنوط من رحمة الله وعفوه وإحسانه، فمهما بلغت ذنوب العبد وسيئاته فإنّ الله غفورٌ رحيمٌ لمَن توجّه إليه بصدقٍ وندمٍ ورغبةٍ في تغيير حاله، قال الله -تعالى- على لسان نبيه يعقوب -عليه السلام- وهو يخاطب أبناءه: (وَلا تَيأَسوا مِن رَوحِ اللَّـهِ إِنَّهُ لا يَيأَسُ مِن رَوحِ اللَّـهِ إِلَّا القَومُ الكافِرونَ)،[٦] وقد طلب أبناء يعقوب منه أن يستغفر لهم الله بسبب أفعالهم، قال -تعالى-: (قالوا يا أَبانَا استَغفِر لَنا ذُنوبَنا إِنّا كُنّا خاطِئينَ*قالَ سَوفَ أَستَغفِرُ لَكُم رَبّي إِنَّهُ هُوَ الغَفورُ الرَّحيمُ).[٧][٢]
المراجع
- ↑ سورة يوسف، آية:67
- ^ أ ب ت "نبيّ الله يعقوب يعلمكم"، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 8/12/2021. بتصرّف.
- ↑ "تفسير: وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ"، إسلام ويب، 16/9/2015، اطّلع عليه بتاريخ 8/12/2021. بتصرّف.
- ↑ سورة يوسف، آية:84-87
- ↑ د. محمد السقا عيد (30/11/2014)، "ما حقيقة إصابة سيدنا يعقوب عليه السلام بالعمى؟"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 8/12/2021.
- ↑ سورة يوسف، آية:87
- ↑ سورة يوسف، آية:97-98