نبي الله عيسى

أرسل الله -عزّ وجلّ- نبيّه عيسى -عليه السلام- بدعوة الحق؛ لإخراج الناس من براثن الشرك كما هي دعوة الأنبياء من قبله، وقد كان -عليه السلام- آخر أنبياء بني إسرائيل، وقد بشرّت الملائكةُ أمّه مريم به وبأنّه سيكون صاحب شأنٍ عظيمٍ، وعرضت عليها صفاته الحسنة ومناقبه الجليلة، قال -تعالى-: (إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّـهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ*وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ)،[١] وقد عاش-عليه السلام- مع أمّه في منطقةٍ أحاطت بها عناية الله -سبحانه- في أرض مستقرةٍ فيها الثمار والخير كما أخبر الله -تعالى- قائلاً: (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ)،[٢] ومن أهمّ ما تضمّنته رسالة عيسى -عليه السلام- الدعوة لتوحيد الله والتبشير بمحمدٍ -صلّى الله عليه وسلّم-.[٣]


لقب يطلق على نبي الله عيسى

يُطلق على عيسى -عليه السلام- لقب المسيح الذي يدلّ على أنّه شريفٌ رفيع الدرجة، فقد بدأ الله -سبحانه- بذكر لقبه في القرآن الكريم إشارةً إلى رفعة شأنه وعلوّ منزلته، قال تعالى: (إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّـهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ)،[٤] وقيل إنّ المسيح ليس لقباً لعيسى بل اسمٌ آخرٌ له؛ لأنّ الله -سبحانه- أشار في الآية السابقة أنّ المسيح اسمٌ.[٥]


معجزات نبي الله عيسى

أيّد الله -سبحانه- أنبياءه بمعجزاتٍ كانت منسجمةٍ مع أقوامهم الذين بعثهم الله إليهم، وكان عيسى -عليه السلام- كغيره من الأنبياء الذين أيّدهم الله بالمعجزات، ومن معجزاته -عليه السلام-:


ولادته من غير أبٍ

أرسل الله جبريل -عليه السلام- فنفخ في مريم -عليها السلام- فوصلت تلك النفخة إلى رَحِمها فخُلِقَ عيسى-عليه السلام- بإرادة وقدرة الله من غير أبٍ، قال -تعالى-: (وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ).[٦][٧]


إحياء الموتى

كان عيسى-عليه السلام- يُحيي الموتى بإذن الله -عزّ وجلّ-، مع الإشارة إلى أنّ الله -سبحانه- هو المُحيي والمميت إلّا أنّه أجرى تلك المعجزة على يد نبيّه عيسى -عليه السلام-؛ تأييداً له في دعوى رسالته، قال -تعالى- على لسان نبيّه: (أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّـهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَىٰ بِإِذْنِ اللَّـهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ...).[٨][٩]


إبراء الأكمه والأبرص

الأكمه هو مَن يولد أعمى لا يُبصر في عينَيه، أمّا الأبرص فهو مَن أُصيب في جلده ببقعٍ بيضاء اللون، وقد كان عيسى -عليه السلام- قادراً على الإبراء منهما إذ كانا من الأمراض المستعصية في ذلك الزمان، قال -تعالى- على لسان عيسى: (وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَىٰ بِإِذْنِ اللَّـهِ...).[٨][٩]


خلق الطير من طينٍ

منح الله -تعالى- نبيّه عيسى -عليه السلام- بالقدرة على خَلْق الطير من الطين والنفخ فيه ليكون طيراً بإذن الله وقدرته، قال -عزّ وجلّ- على لسان نبيّه: (أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّـهِ...).[٨][١٠]


إخبار قومه بما يأكلون وما يدخّرون

كان عيسى -عليه السلام- يخبر قومه بما يأكلون ويدخّرون في بيوتهم بقدرة الله، قال -سبحانه-: (وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ).[١١][٩]


إنزال المائدة من السماء

طلب أتباع عيسى-عليه السلام- منه أن يسأل ربّه إنزال مائدةٍ عليهم، وقد أخبر الله -تعالى- محمداً عن تلك المائدة في القرآن الكريم في سورةٍ سميّت باسمها، وقد سطّرت آيات الكتاب العزيز في سورة المائدة الحوار الذي دار بين عيسى -عليه السلام- والحواريين حول المائدة وتوعدّ الله بعقاب من يكفرُ بعد إنزالها، قال -تعالى-: (إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّـهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ*قَالُوا نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَن قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ*قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّـهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ*قَالَ اللَّـهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَّا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ).[١٢][١٠]

المراجع

  1. سورة آل عمران، آية:45-46
  2. سورة المؤمنون، آية:50
  3. عبدالمحسن علي حسن الرملي الأيوبي (2/1/2019)، "عيسى ابن مريم عليه السلام (خطبة)"، شبكة الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 5/9/2021. بتصرّف.
  4. سورة آل عمران، آية:45
  5. إسلام ويب (12/7/2010)، "اسمه المسيح عيسى ابن مريم"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 5/9/2021. بتصرّف.
  6. سورة الأنبياء، آية:91
  7. مجموعة من المؤلفين، التفسير الميسر، صفحة 330. بتصرّف.
  8. ^ أ ب ت سورة آل عمران، آية:49
  9. ^ أ ب ت هنا حافظ عبد الغني عبد النبي، نهاية عيسى عليه السلام وعودته في القرآن والانجيل، صفحة 69-71. بتصرّف.
  10. ^ أ ب هنا حافظ عبد الغني عبد النبي، نهاية عيسى عليه السلام وعودته في القرآن والانجيل، صفحة 70. بتصرّف.
  11. سورة سورة آل عمران، آية:49
  12. سورة المائدة، آية:112-115