أيدّ الله تعالى أنبيائه بالمعجزات؛ وهي أمورٌ خارقةٌ لما عليه العادة، يُجريها الله تعالى على يد أنبيائه، لتكون دليلًا على صدقهم،[١] وتنقسم معجزات الأنبياء إلى نوعين، هما:[٢]
- المعجزات الحسيّة: وهي النوع من المعجزات التي تُشاهد بالبصر وتُسمع، ومثالها معجزة ناقة صالح -عليه السّلام- التي أُخرجت من الصخر، ومعجزة موسى -عليه السّلام- بتحوّل عصاه إلى حيّةٍ تسعى.
- المعجزات المعنويّة: وهي التي تُلمس وتُستوعب بالبصيرة، ومثالها القرآن الكريم معجزة النبيّ محمد عليه الصّلاة والسّلام.
وآتيًا حديثٌ عن معجزات عيسى -عليه السلام- وبيانٌ لها.
معجزات النبي عيسى
أيّد الله تعالى نبيّه عيسى -عليه السّلام- بعددٍ من المعجزات، جاء القرآن الكريم على ذكر ستٍّ منها، وآتيًا بيانها.[٣][٤]
الولادة من غير أبٍ
حيث نفخ الله تعالى الروح في عيسى -عليه السّلام- وولد من أمّه مريم البتول دون أبٍ؛ وهذه معجزةٌ خارقة للعادة؛ لكون المخلوقات يولدون لأبٍ وأمّ أمّا عيسى -عليه السلام- فقد نفخ الله تعالى روحه في مريم -عليها السلام- دون زوجٍ لها، جاء في قول الله تعالى على لسان مريم: (قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّـهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ)،[٥] فكانت ولادة عيسى -عليه السلام- في ذاتها معجزةً.[٣][٤]
الكلام في المهد
حيث تكلّم عيسى -عليه السّلام- وهو رضيع، قال الله تعالى عنه: (وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ)،[٦] وقد وثّق القرآن الكريم هذه المعجزة لعيسى -عليه السلام- ومن ذلك مناداته لأمّه وهو في مهده عند ولادته، وكلامه لقومه عندما جاءت به مريم -عليه السلام- تحمله، حيث أشارت إليه مريم حين سألها قومها عنه ولم تتكلّم هي، واستغرب القوم كيف يكلّمون طفلًا في المهد؛ فتكلّم عيسى -عليه السلام بكلامٍ واضحٍ مفهومٍ كحديث الرجل الكبير، كما جاء في قوله تعالى: (قالوا كَيفَ نُكَلِّمُ مَن كانَ فِي المَهدِ صَبِيًّا* قالَ إِنّي عَبدُ اللَّـهِ آتانِيَ الكِتابَ وَجَعَلَني نَبِيًّا).[٧][٨][٤]
النفخ في الطين على هيئة الطير فيصبح طيرًا
حيث أيّد الله تعالى عيسى -عليه السّلام- بأنّه كان يشكّل الطين على هيئة وصورة طيرٍ، ثمّ ينفخ فيه فيصبح طيرًا ذا روحٍ بإذن الله تعالى، كما في قوله: (وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي).[٩][٣]
شفاء الأكمه والأبرص
والأكمه هو من ولد أعمى، وأمّا الأبرص فهو المصاب ببقعٍ بيضاء في الجلد،[١٠] وقيل إنّ الأبرص هو من عجز الطب عن مداواته، فكان عيسى -عليه السلام- يشفيهم بإذن الله تعالى، كما في قول الله تعالى: (وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي).[٩][٤][٨]
إحياء الموتى
وذلك أنّ عيسى -عليه السّلام- كان يمرّ على الأموات ينادي عليهم فيحيون بإذن الله، كما في قوله تعالى: (وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي)،[٩] فكان إحياؤه لهم حقيقةً بالفعل، لا ادعاءً مجرّدًا كما زعم البعض.[٤][٣]
إنزال المائدة
وذلك حين طلب الحواريون من عيسى -عليه السّلام- أن يسأل الله تعالى إنزال مائدةٍ من السماء عليهم؛ ليطمئنوا لصدقه، فدعا عيسى -عليه السّلام- بذلك فأنزلها عليهم وفق الصورة والهيئة التي طلبوها، كما جاء في قول الله تعالى: (قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّـهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ* قَالَ اللَّـهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَّا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ).[١١][٨][٣]
الإخبار عن بعض الأمور المخفيّة
حيث كان عيسى -عليه السلام- يخبر الناس بالطعام والشراب الذي أكلوه، وبما يدّخرون في بيوتهم من طعام، وذلك ممّا خصّه الله تعالى وأيّده به، كما جاء في قول الله تعالى على لسان عيسى -عليه السلام- لقومه: (وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ).[١٢][٤][٨]
التعريف بالنبي عيسى
هو نبي الله المسيح عيسى -عليه السّلام- من آل عمران، وأحد أولي العزم من الرسل، وكان آخر أنبياء بني إسرائيل، بعثه الله تعالى إليهم فدعاهم إلى دين موسى -عليه السّلام- وأكّد على ما جاء في التّوراة، وبشّر بقدوم النبيّ محمّدٍ -عليه الصّلاة والسّلام- من بعده؛ إذ لم يكن بين عيسى ومحمّدٍ -عليهما السّلام- أنبياء، قال الله تعالى: (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّـهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ).[١٣][١٤]
المراجع
- ↑ فهد الرومي، دراسات في علوم القرآن، صفحة 257-258. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، التعريف بالإسلام، صفحة 140. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث ج عمر الأشقر، الرسل والرسالات، صفحة 130. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث ج ح محمد أبو زهرة، المعجزة الكبرى القرآن، صفحة 293-294. بتصرّف.
- ↑ سورة آل عمران، آية:47
- ↑ سورة آل عمران، آية:46
- ↑ سورة مريم، آية:29-30
- ^ أ ب ت ث أحمد أحمد غلوش، دعوة الرسل عليهم السلام، صفحة 470-472. بتصرّف.
- ^ أ ب ت سورة المائدة، آية:110
- ↑ "تعريف وشرح ومعنى الأبرص"، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 01/09/2021.
- ↑ سورة المائدة، آية:114-115
- ↑ سورة آل عمران، آية:49
- ↑ سورة الصف، آية:6
- ↑ أحمد أحمد غلوش، دعوة الرسل عليهم السلام، صفحة 466. بتصرّف.