عمر سيدنا نوح عليه السلام

يجدر بالذّكر إلى أنّه لا يمكن معرفة عمر كلّ نبيٍّ إلا ما ثبت فيه نصٌّ صحيح، وقد ذكر بعض أهل العلم مدّة عيش النبي نوح -عليه السلام-، ولكنّ هذه الأقوال غير قطعية، بل منقولة من مرويات أهل الكتاب، فقيل إنّ نوح -عليه السلام- عاش إلى تسعمئة وخمسين سنة (950).[١]


وقيل إنّه عاش ألفين وخمسمئة سنة (2500)؛ منها 850 سنة قبل بعثته، و1000 سنة إلا خمسين عاماً وهو يدعو قومه إلى التوحيد، و200 سنة في صنع السفينة، و500 سنة بعد نزوله من السفينة،[٢] ولكن كما أوضحنا سالفاً فلا يُمكن القطع بهذه الأقوال، لأنّها غير ثابتة بنصٍّ صحيح في القرآن أو السنة.


وقد ذكر أهل العلم أنّ نوح -عليه السلام- جاء بعد آدم وابنه شيث -عليهما السلام-، وأكثر أهل العلم على أنّ نوح -عليه السلام- متقدِّماً على زمن إدريس -عليه السلام-، وفي الحديث: (أنَّ رَجلًا قالَ: يا رسولَ اللهِ، أنَبِيًّا كان آدمُ؟ قالَ: «نَعَمْ، مُعلَّمٌ مُكلَّمٌ». قالَ: كم بيْنَهُ وبيْنَ نوحٍ؟ قالَ: «عَشْرُ قرونٍ». قالَ: كم بيْنَ نوحٍ وإبراهيمَ؟ قالَ: «عَشْرُ قرونٍ»...).[٣][٤]


التعريف بنيّ الله نوح عليه السلام

نوح -عليه السلام- هو أول الرسل بعد النبيّ آدم -عليه السلام-، وهو أبو البشرية الثاني، اصطفاه الله -تعالى- وكلّفه بالدّعوة والرسالة، وأثنى عليه في أكثر من موضعٍ في القرآن الكريم، وهو أيضاً أحد أولي العزم من الرسل.[٥]


وقد دعا جميع مَن على الأرض بعد هلاك مَن عارضه بالطوفان، فكانت دعوته عامة، ومرتكزاً أساسياً لأهل العلم وللدعاة، لِما فيها من العِبر والفوائد والدروس، وقصّته -عليه السلام- مفصّلة في أكثر من موطنٍ في القرآن، وقد سُمّيت سورةٌ كاملة باسمه دليلاً على أهمية قصّته.[٥]


وقد قال الله -تعالى- عنه: (إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا)،[٦] وقيل إنّه وُصِف بالشّكور لأنّه كان يشكر الله -تعالى- ويحمده دائماً على طعامه وشرابه ولباسه وجميع شؤونه، والظّاهر أيضاً أن الشكور هو من يؤدّي العبادات والطاعات القولية والعملية والقلبية ولا يقصّر فيها ابتغاء مرضاة الله -تعالى-.[٧]


التعريف بدعوة نوح عليه السلام لقومه

بعد زمن النبيّ آدم -عليه السلام- بفترةٍ طويلة آل حال أهل ذلك الزمان إلى الإشراك بالله وعبادة الأصنام، فبعث الله -تعالى- نوح -عليه السلام- لدعوتهم إلى توحيد الله وعبادته، فآذاه قومه ولم يستجب له إلا القليل، فظلّ يدعوهم ويحاورهم مدّة ألف سنة إلا خمسين عاما، ومع ذلك لم يؤمن معه إلا القليل.[٨]


قال -تعالى-: (وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ* وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ)،[٩] وقد اشتدّ أذى قوم نوح -عليه السلام- عليه، فدعا الله -تعالى- أن ينصره، فحلّ عذاب الله على الكافرين، وأنجى -سبحانه- نبيّه نوح -عليه السلام- ومَن آمن معه في السفينة.[٨]

المراجع

  1. رحمت الله الهندي، إظهار الحق، صفحة 267، جزء 2. بتصرّف.
  2. نعمة الله الجزائري، النور المبين في قصص الأنبياء والمرسلين، صفحة 75. بتصرّف.
  3. رواه الحاكم، في المستدرك على الصحيحين، عن أبي أمامة، الصفحة أو الرقم:3080، صحيح على شرط مسلم.
  4. "التسلسل الزمني لبعثة الأنبياء والرسل عليهم السلام"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 27/2/2023. بتصرّف.
  5. ^ أ ب أحمد أحمد غلوش، دعوة الرسل عليهم السلام، صفحة 59. بتصرّف.
  6. سورة الإسراء، آية:3
  7. ابن كثير، قصص الأنبياء، صفحة 115-116، جزء 1. بتصرّف.
  8. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، موسوعة سفير للتاريخ الإسلامي، صفحة 353، جزء 10. بتصرّف.
  9. سورة هود، آية:36-37