جاء القرآن الكريم على ذكر قصص عددٍ من الأنبياء -عليه السلام- وأقوامهم، وكيف تعامل هؤلاء الأقوام مع دعوة أنبيائهم، وما كان مصيرهم، وآتيًا حديثٌ عن إحدى هذه الأقوام قوم نبيّ الله هود عليه السلام.


عاد قوم هود

التعريف بعاد وموطنهم

قوم عاد إحدى أقوام العرب البائدة، يرجع نسبهم إلى عاد بن عوص، وقد سكنوا في الأحقاف التي يُشير مؤرّخون مسلمون إلى أنّها تقع في الجزيرة العربيّة إلى الشمال الشرقي من حضرموت، وقد ورد ذكر عاد في القرآن الكريم في أربعةٍ وعشرين موضعًا، وكثيرًا ما جاء ذكرهم مقرونًا بذكر نبيّهم هود -عليه السّلام- كما في قول الله تعالى: (وَإِلى عادٍ أَخاهُم هودًا قالَ يا قَومِ اعبُدُوا اللَّـهَ ما لَكُم مِن إِلـهٍ غَيرُهُ أَفَلا تَتَّقونَ).[١][٢][٣][٤]


صفات قوم عاد

جاء القرآن الكريم على ذكر عددٍ من صفات عاد؛ حيث كان عاد ذوي شدةٍ وقوةٍ في البنية الجسم؛ كما قال الله تعالى فيهم: (وَاذكُروا إِذ جَعَلَكُم خُلَفاءَ مِن بَعدِ قَومِ نوحٍ وَزادَكُم فِي الخَلقِ بَسطَةً)،[٥] والبسطة؛ هي قوة وكمال الجسم،[٦] وبلغوا من رغد الحياة والرقي الحضاريّ مبلغًا عظيمًا في المجال الزراعيّ؛ حيث أمدهم بالبساتين ذات الزروع وعيون الماء، ورزقهم الأَنعام كما جاء في قول الله تعالى مذكّرًا لهم بنعمه عليهم: (وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُم بِمَا تَعْلَمُونَ* أَمَدَّكُم بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ* وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ)،[٧] وفي المجال الصناعي والعمرانيّ كما جاء في قوله تعالى: (وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ).[٨][٢][٣][٤]


دعوة هود لعاد

ترك قوم عادٍ الإيمان بالله وحده، واتخذوا من الأصنام والأوثان آلهةً يعبدونها من دون الله، فأرسل الله تعالى فيهم هود -عليه السّلام- الذي أخذ يدعوهم بالحسنى، ويذكّرهم بالله تعالى ويحذّرهم من عذابه، فما كان من عادٍ إلّا أن استكبروا ولم يستجيبوا له، وجادلوه واتّهموه بالكذب والسفاهة كما جاء في قوله تعالى: (قالَ المَلَأُ الَّذينَ كَفَروا مِن قَومِهِ إِنّا لَنَراكَ في سَفاهَةٍ وَإِنّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الكاذِبينَ)،[٩] وجزموا لهود -عليه السّلام- أنّهم سيبقون على ما هم عليه من الكفر ولن يؤمنوا كما جاء في قوله تعالى: (قَالُوا سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُن مِّنَ الْوَاعِظِينَ* إِنْ هَـذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ* وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ).[١٠][٤]


عاقبة عاد

حين استمرّ عاد على ما هم عليه من الكفر، واستخفّوا بهودٍ وعاندوه، واستكبروا رغم تحذيره لهم من عذاب الله؛ كانت عاقبة عاد بأن أرسل الله تعالى عليهم ريحًا شديدةً استمرّت عليهم سبع ليالٍ وثمانية أيّامٍ؛ فأهلكتهم حتى أصبحوا كجذوع النخل الخاوية وهم جاثمين في أماكنهم بلا حركةٍ، وأنجى الله تعالى هودًا ومن آمن معه، وممّا جاء في قول الله تعالى وصفًا لعاقبة عاد: (وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ* سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ* فَهَلْ تَرَى لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ).[١١][٤]


التعريف بنبيّ عاد: هود عليه السلام

هو نبي الله هود من نسل سام بن نوح عليه السلام،[١٢] وروي أنّ هود ولد بعد وفاة نوحٍ -عليهما السّلام- بثلاثمئة سنةٍ، وأنّه بلغ من العمر مئة وخمسين سنةً، وقيل إنّ قبره موجودٌ في حضرموت،[١٣] وبعد أن تكاثرت ذريّة نوحٍ -عليه السّلام- وتفرّقت إلى قبائل متعددةٍ وتطاول الزمن من بعد نوحٍ، ترك الناس دعوة التوحيد وأخذوا يعبدون الأصنام؛ فابتعث الله تعالى هود -عليه السّلام- إلى إحدى هذه القبائل، وهم: قوم عاد، وقد ذكر القرآن الكريم في مواطن عدّةٍ دعوة هود لقومه عاد ومحاورته لهم.[٤]


المراجع

  1. سورة الأعراف، آية:65
  2. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الموجزة في التاريخ الإسلامي، صفحة 56. بتصرّف.
  3. ^ أ ب الشوكاني، فتح القدير، صفحة 336. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ت ث ج أحمد أحمد غلوش، دعوة الرسل عليهم السلام، صفحة 78-85. بتصرّف.
  5. سورة الأعراف، آية:69
  6. "تعريف وشرح ومعنى بسطة"، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 21/10/2021. بتصرّف.
  7. سورة الشعراء، آية:132-134
  8. سورة الشعراء، آية:129
  9. سورة الأعراف، آية:66
  10. سورة الشعراء، آية:136-138
  11. سورة الحاقة، آية:6-8
  12. ابن كثير، البداية والنهاية، صفحة 120.
  13. العماد الأصبهاني، البستان الجامع لجميع تواريخ أهل الزمان، صفحة 62. بتصرّف.