قوم هود
أرسل الله -تعالى- نبيّه هود -عليه السلام- إلى قوم عادٍ كما بيّنت عدّة آياتٍ قرآنيةٍ، منها: (وَإِلى عادٍ أَخاهُم هودًا قالَ يا قَومِ اعبُدُوا اللَّـهَ ما لَكُم مِن إِلـهٍ غَيرُهُ أَفَلا تَتَّقونَ)،[١][٢] وقد دعاهم إلى توحيد الله وعدم الإشراك به كغيره من الأنبياء والرسل -عليهم الصلاة والسلام-، وأمرهم بتقوى الله والخشية منه، وذكّرهم بما أنعم عليهم في خَلقهم وحياتهم، ومنحهم القوة والقدرة والغلبة، وبيّن لهم صوراً من قدرة الله في الخَلْق الذي يستحقّ إفراده بالعبادة، وحذّرهم من الحساب يوم القيامة، قال -تعالى-: (وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّـهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ)،[٣] إلّا أنّهم صدّوا عنه ولم يستجيبوا لدعوته، وآمن مع هود نفرٌ قليلٌ قد أنجاهم الله مع نبيّهم حين ألحق بالمُشركين عذاباً أليماً جزاء استكبارهم وشركهم،[٤][٥] وتجدر الإشارة إلى أنّ قوم عاد أوّل قومٍ عبدوا الأصنام بعد قوم نوح -عليه السلام-.[٦]
صفات قوم هود
تميّز قوم هود -عليه السلام- بالعديد من الصفات والخصائص، يُذكر أنّ قوم عاد:[٧]
- سكنوا في جنوب الجزيرة العربية في منطقةٍ تسمّى الأحقاف التي ازدهرت بالعديد من صور الحضارة والرقيّ، منها:
- الزراعة: فقد عُرفت منطقتهم بخصوبة الماء فيها ممّا ساهم في زراعة البساتين وحفر الأنهار والعيون وتربية أنواعٍ مختلفةٍ من الحيوانات، وقد وصفهم الله -تعالى- قائلاً: (وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُم بِمَا تَعْلَمُونَ*أَمَدَّكُم بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ*وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ).[٨]
- الصناعة: فقد أقاموا المصانع الضخمة التي تمدّهم وتزوّدهم باحتياجاتهم، وتسهّل عليهم أمور حياتهم، قال -تعالى-: (أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ*وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ).[٩]
- العِمارة: فقد تفرّدت وتميّزت أبنيتهم عن غيرها، قال -تعالى-: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ*إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ*الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ).[١٠]
- تميّزوا بضخامة أبدانهم، وقوة أجسادهم، وطول قامتهم، قال -تعالى- واصفاً إيّاهم: (وَزادَكُم فِي الخَلقِ بَسطَةً)،[١١] وقال: (كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ)،[١٢] وقال أيضاً: (كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ)،[١٣] فقد شبّههم الله -تعالى- بشجرة النخيل التي لا فروع لها ممّا يدلّ على طول قامتهم.
- عُرفوا بعدم تواضعهم وغرورهم وكِبرهم، قال -تعالى-: (فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّـهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ)،[١٤] وبسبب غرورهم وقدرتهم المادية فقد أنكروا رسالة نبيّهم واستكبروا عنها، فاتخذوا الأصنام آلهةً لهم من دون الله، وأنكروا يوم القيامة قائلين: (إِن هِيَ إِلّا حَياتُنَا الدُّنيا وَما نَحنُ بِمَبعوثينَ)،[١٥] ولغرورهم وتكبّرهم أيضاً فقد اعتقدوا وجوب التحكّم بالآخرين وتوجيههم كما يريدون والسيطرة عليهم، إلّا أنّ هود -عليه السلام- قد تبرّأ من معتقاداتهم وشركهم بالله -تعالى-، فقال: (قالَ إِنّي أُشهِدُ اللَّـهَ وَاشهَدوا أَنّي بَريءٌ مِمّا تُشرِكونَ)،[١٦]
- كانوا ظالمين طاغين مُعتدين على الضعفاء، قال -تعالى-: (وَإِذَا بَطَشْتُم بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ).[١٧]
المراجع
- ↑ سورة الأعراف، آية:65
- ↑ جواد علي، المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام، صفحة 310. بتصرّف.
- ↑ سورة الأحقاف، آية:21
- ↑ عبدالرحمن حسن حبنكة الميداني، العقيدة الإسلامية وأسسها، صفحة 371-372. بتصرّف.
- ↑ أحمد أحمد غلوش، دعوة الرسل عليهم السلام، صفحة 86-87. بتصرّف.
- ↑ "قوم عاد مساكنهم وأطوالهم"، إسلام ويب، 28/2/2005، اطّلع عليه بتاريخ 14/7/2021. بتصرّف.
- ↑ أحمد أحمد غلوش، دعوة الرسل عليهم السلام، صفحة 79-81. بتصرّف.
- ↑ سورة الشعراء، آية:132-134
- ↑ سورة الشعراء، آية:128-129
- ↑ سورة الفجر، آية:6-8
- ↑ سورة الأعراف، آية:69
- ↑ سورة الحاقة، آية:7
- ↑ سورة القمر، آية:20
- ↑ سورة فصلت، آية:15
- ↑ سورة الأنعام، آية:29
- ↑ سورة هود، آية:54
- ↑ سورة الشعراء، آية:130