قوم النبي شعيب عليه السلام

قوم النبيّ شعيب -عليه السلام- هم أهل مدين، وقد تعدّدت آراء أهل العلم إن كان أهل مدين هم نفسهم أصحاب الأيكة أم لا؟ وذلك على قولين نذكرهما فيما يأتي:[١]

  • أهل مدين وأصحاب الأيكة قومان مختلفان

ذهب العديد من المفسّرين إلى أنّ أهل مدين قومٌ وأصحاب الأيكة قومٌ آخرون، لأنّ الله -تعالى- قال عن شعيب -عليه السلام- في دعوته لأهل مدين: (وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا)،[٢] بينما لم يصف شعيب -عليه السلام- بوصف الأخوة في آيات دعوته لأصحاب الأيكة.


  • أهل مدين هم أنفسهم أصحاب الأيكة

ذهب العديد من المفسّرين إلى أنّ أهل مدين وأصحاب الأيكة هم نفس القوم، وعندما قال الله -سبحانه-: (كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ* إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ)؛[٣] لم يقل الله عن شعيب أنّه أخوهم في هذه الآية؛ لأنّهم نُسِبوا إلى عبادة الأيكة، وهي الشجرة.


لِذا قطع -سبحانه- بين شعيب وبين قومه في هذه الآية الأخوة؛ بسبب ما نُسِبوا إليه من عبادة الشجر، فهم قومٌ واحد وصفهم الله -تعالى- في كلّ مقامٍ بما يُناسب السياق، ويدلّ على ذلك أيضاً أنّ النبي شعيب -عليه السلام- وعظ أصحاب الأيكة في هذه الآيات بالوفاء في الكيْل والوزن، وهو أيضاً ما وعظ به أهل مدين في سياق آياتٍ أخرى، فدلّ ذلك على أنّهما نفس الأمة.


سوء أعمال قوم النبي شعيب

أفسد قوم شعيب في الأرض إفساداً كبيراً، وعبدوا الأصنام والحجارة معتقدين بنفعها لهم ولمدينتهم، ولم يُدركوا أنّ هذا الكون الفسيح وتلك السماوات وما تحويه من النجوم لها خالقٌ عظيم، وقد كانوا يغشّون في الأسواق رغم أنّ الله -سبحانه- أنعم عليهم بالأرزاق، ومع ذلك كانوا يغشّون في الكيل والميزان فينقصون في الوزن أو يزيدونه بحسب مصلحتهم، وإلى غير ذلك من أفعالهم القبيحة.[٤]


دعوة النبي شعيب لقومه

بعث الله -تعالى- إلى قوم مدين شعيب -عليه السلام- داعياً ومصلحاً، فأخذ يدعوهم إلى عبادة الله وحده وترْك عبادة الأصنام وأفعالهم السيّئة، وأمرهم بالوفاء بالميزان والمكيال وعدم ظلم النّاس وبخس حقوقهم، ونهاهم عن صدّ النّاس عن عبادة الله -تعالى- وطريق الحق.[٥]


هلاك قوم شعيب عليه السلام

كذّب قوم شعيب نبيّهم واتّهموه بالسحر، واستمرّوا في إفسادهم وتجبّرهم في الأرض، فاستحقّوا العذاب من الله -تعالى-، وقد وصف الله عذاب قوم شعيب في ثلاثة مواضع في القرآن الكريم بالصفة التي تناسب كلّ سياق، وبيان ذلك فيما يأتي:[٦]

  • الرجفة

ذكر الله -تعالى- في سورة الأعراف أنّ قوم شعيب -عليه السلام- أخذتهم الرجفة، فأصبحوا في ديارهم جاثمين، وقد أرسل الله -تعالى- عليهم هذا العذاب لأنهم قالوا لنبيّهم: (... لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا...).[٧]


  • الصّيحة

استهزأ قوم شعيب بنبيّهم وبمن آمن معه فقالوا: (... أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ)،[٨] فأخذتهم الصيحة.


  • عذاب يوم الظلّة

عندما حذّر شعيب قومه من عذاب الله قالوا على سبيل الاستهزاء: (فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ)،[٩] فسلّط الله -تعالى- عليهم الحرّ سبعة أيام، ثمّ ساق لهم سحابةً كبيرة، فاجتمعوا تحتها جميعاً حتى يستظلّوا بظلّها، فأسقطت عليهم النار وأهلكتهم، وناسب أن يأخذهم ما استبعدوا وقوعه من العذاب، قال -تعالى-: (فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ).[١٠]

المراجع

  1. ابن كثير، تفسير ابن كثير، صفحة 158-159، جزء 6. بتصرّف.
  2. سورة هود، آية:84
  3. سورة الشعراء، آية:176-177
  4. كمال السيد، إلى مدين (قصة سيدنا شعيب عليه السلام، صفحة 5-6. بتصرّف.
  5. د. محمد عبيد و أ.م.د. إسماعيل خضير، الإصلاح الاقتصادي في قصّتي شعيب ويوسف عليهما السلام، صفحة 186-187. بتصرّف.
  6. وهبة الزحيلي، التفسير المنير، صفحة 217، جزء 19. بتصرّف.
  7. سورة الأعراف، آية:88
  8. سورة هود، آية:87
  9. سورة الشعراء، آية:187
  10. سورة الشعراء، آية:189