يحيى عليه السلام

يحيى هو ابن نبي الله زكريا -عليهما السلام-، وقد كانت قصة ولادة يحيى من المعجزات الخارقة للعادة، فقد وُلد لأمٍ عاقرٍ لا تلد وأبٍ شيخٍ كبيٍر في السّن، ومن المُحال في مقاييس البشر أن ينجبا طفلاً في تلك الظروف، إلّا أنَّ نبي الله زكريا -عليه الصلاة والسلام- كان مُوقناً بعطاء ربه، وأن لا شيء يُعجزه في الأرض ولا في السماء، فدعا ربّه أن يهبه الذرية الطيبة، قال الله -تعالى- على لسان زكريا -عليه السلام-: (قالَ رَبِّ إِنّي وَهَنَ العَظمُ مِنّي وَاشتَعَلَ الرَّأسُ شَيبًا وَلَم أَكُن بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا*وَإِنّي خِفتُ المَوالِيَ مِن وَرائي وَكانَتِ امرَأَتي عاقِرًا فَهَب لي مِن لَدُنكَ وَلِيًّا)،[١] وقد استجاب الله -تعالى- الذي لا يُعجزه شيءٌ دعاء نبيه زكريا فوهبه يحيى، حيث قال -عزّ وجلّ- في سورة مريم: (يا زَكَرِيّا إِنّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسمُهُ يَحيى لَم نَجعَل لَهُ مِن قَبلُ سَمِيًّا).[٢][٣]


صفات يحيى عليه السلام

أثنى الله -تعالى- على نبيّه يحيى -عليه السلام- في القرآن الكريم ووصفه بعدّة صفاتٍ فيما يأتي ذكرها وبيانها:[٤][٥]

  • الصلاح والتقوى: كان يحيى -عليه السلام- نبياً سيداً في قومه بالنبوّة والعلم والعبادة، وكان أيضاً حصوراً؛ أي أنَّه كان يضبط نفسه عن الشهوات والانقياد وراءها، وكان يملك زمام نزغاته من الانفلات، قال -تعالى-: (فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّـهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَىٰ مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّـهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ).[٦][٧]
  • زكاة النفس: أي أنّ يحيى -عليه السلام- كان دائم المجاهدة لنفسه مزكّياً لها، ومُطّهراً إيّاها من كلّ نجسٍ ودنسٍ، قال -تعالى-: (وَزَكاةً وَكانَ تَقِيًّا).[٨]
  • طاعة الله: كان -عليه السلام- طائعاً لله تقياً، مُجتنباً المعاصي والآثام، قال -تعالى-: (وَكانَ تَقِيًّا).[٨]
  • البرّ بالوالدين: كان -عليه الصلاة والسلام- بارّاً بوالديه، مُطيعاً لهما، مجتنباً عقوقهما قولًا وفعلًا، قال الله -تعالى- واصفاً إياه: (وَبَرًّا بِوالِدَيهِ).[٩]
  • التواضع وعدم التكبّر: كان يحيى -عليه السلام- متواضعاً بين الناس ولم يكن جبّاراً أو متكبّراً عليهم، بل كان لين الجانب معهم، إضافةً إلى أنَّه كان طائعاً لله -تعالى-، قال -عزّ وجلّ-: (وَلَم يَكُن جَبّارًا عَصِيًّا).[٩]
  • العلم الحكمة: قال الله -تعالى- مُخاطباً نبيه يحيى: (يا يَحيى خُذِ الكِتابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيناهُ الحُكمَ صَبِيًّا)،[١٠] ولا يُقصد بالحكم الرئاسة أو السلطة، وإنّما المقصود بالحكم: الفهم للكتاب، والعلم والجدّ والعزم، والإقبال على الخير، والفقه في الدِّين.
  • الحنان: آتى الله -تعالى- يحيى حنانًا، أي: رأفةً ورقةً في القلب، وشفقةً على الآخرين، وما ذلك إلّا استجابةً لدعوة أبيه زكريا، حيث دعا ربّه قائلاً: (وَاجعَلهُ رَبِّ رَضِيًّا)،[١١] فاستجاب الله -تعالى- له ووهبه ولداً حنوناً عطوفاً، قال -تعالى-: (وَحَنانًا مِن لَدُنّا).[١٢]


واكتمالاً للأوصاف السابقة السامية الجليلة أكرم الله -تعالى- نبيّه يحيى -عليه السلام- بالأمن التام في ثلاثة أحوالٍ؛ جزاءً حسناً له -عليه الصلاة والسلام-، قال الله -عزّ وجلّ- في كتابه العزيز: (وَسَلامٌ عَلَيهِ يَومَ وُلِدَ وَيَومَ يَموتُ وَيَومَ يُبعَثُ حَيًّا)،[١٣] فقد أمِن يحيى -عليه السلام- من الشيطان ووساوسه يوم مولده، وأمِن عذاب القبر يوم موته، وسيُكرمه الله -تعالى- بالأمان من أهوال ومخاوف يوم القيامة.[١٤]


المراجع

  1. سورة مريم، آية:4-5
  2. سورة مريم، آية:7
  3. [وهبة الزحيلي]، التفسير الوسيط للزحيلي، صفحة 1462. بتصرّف.
  4. وهبة الزحيلي، التفسير المنير للزحيلي، صفحة 63-64. بتصرّف.
  5. الدكتور علي محمد الصلابي (13/3/2020)، "صفات يحيى عليه السلام كما ذُكرت في القرآن الكريم"، الموقع الرسمي للدكتور علي الصلابي، اطّلع عليه بتاريخ 29/11/2021. بتصرّف.
  6. سورة آل عمران، آية:39
  7. [أحمد أحمد غلوش]، كتاب دعوة الرسل عليهم السلام، صفحة 464. بتصرّف.
  8. ^ أ ب سورة مريم، آية:13
  9. ^ أ ب سورة مريم، آية:14
  10. سورة مريم ، آية:12
  11. سورة مريم، آية:6
  12. سورة مريم، آية:13
  13. سورة مريم، آية:15
  14. [وهبة الزحيلي]، التفسير المنير للزحيلي، صفحة 64. بتصرّف.