يحيى هو نبيّ الله -تعالى- يحيى ابن نبي الله زكريا بن برخيا، وقيل زكريا بن دان، وقيل زكريا بن لدن بن مسلم بن صدوق، من أنبياء بني إسرائيل، وُلد يحيى لزكريا -عليهما السّلام- بعد سؤال زكريا لله -تعالى- ودعائه له بأن يهبه غلاماً يرث منه النبوّة؛ أي يحمل عنه إتمام الدعوة والرسالة؛ لخشيته من أن يتصرّف رجال بني إسرائيل من بعده بما لا يوافق شرع الله ولا يلزموا طاعته، كما جاء في قوله -تعالى-: (ذِكرُ رَحمَتِ رَبِّكَ عَبدَهُ زَكَرِيّا*إِذ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا*قالَ رَبِّ إِنّي وَهَنَ العَظمُ مِنّي وَاشتَعَلَ الرَّأسُ شَيبًا وَلَم أَكُن بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا*وَإِنّي خِفتُ المَوالِيَ مِن وَرائي وَكانَتِ امرَأَتي عاقِرًا فَهَب لي مِن لَدُنكَ وَلِيًّا*يَرِثُني وَيَرِثُ مِن آلِ يَعقوبَ وَاجعَلهُ رَبِّ رَضِيًّا)،[١] وكانت ولادة يحيى قبل ولادة المسيح عيسى -عليه السّلام- بستّة أشهر وهو ابن خالته، وكان يحيى أوّل من آمن بعيسى -عليهما السّلام-.[٢][٣]


هل ورد لقب ليحيى عليه السلام؟

لم تُورِد الآثار لقباً ليحيى -عليه السّلام- سوى اسمه الذي لم يُسبق لأحدٍ قبله التّسمّي به، كما جاء في قول الله -تعالى-: (يا زَكَرِيّا إِنّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسمُهُ يَحيى لَم نَجعَل لَهُ مِن قَبلُ سَمِيًّا)،[٤] واختلف العلماء في سبب تسمية الله -تعالى- له بيحيى على أقوالٍ، هي:[٥][٣]

  • لأنّ الله -تعالى- أحيا بيحيى العقر -أي عدم الإنجاب- الذي كان بوالدته.
  • لأنّ الله -تعالى- أحيا قلبه بالإيمان والنبوّة.
  • لأنّ الله -تعالى- أحيا يحيى بالطاعة فلم يعصه في حياته قطّ ولم يهمّ بفعل معصيةٍ.
  • لأنّ يحيى مات شهيداً؛ والشهداء عند الله -تعالى- أحياءٌ يرزقون، حيث رُوي أنّه -عليه السّلام- قُتل من قِبل حاكم بلده الطاغية هيرودس؛ لأنّ يحيى نهاه عن الزواج من ابنة أخيه لأنّها لا تحلّ له، فأمر هيرودس جنوده بقتل يحيى -عليه السّلام- فقتلوه.


صفات يحيى عليه السّلام

امتاز نبيّ الله يحيى بخصالٍ خصّه الله -تعالى- فيها، فقد كان -عليه السّلام- حَسَن الوجه والمنظر، ليّن الجانب، كثير العبادة، قوّيًا في طاعة الله -تعالى-، وكان ضحكه تبسّمًا، زاهداً؛ إذ لم يكن له بيتٌ ولا عبدٌ، وكان كثير البكاء من خشية الله؛ حيث رُوي أنّه كان في وجهه -عليه السّلام- خطّان أسودان من كثرة بكائه.[٦][٥]


يحيى عليه السلام في القرآن والسنّة

ورد ذكر يحيى في القرآن الكريم في مواطن عدّة، منها ما كان ذِكْراَ مع جملةٍ من الأنبياء؛ كقول الله -تعالى-: (وَزَكَرِيّا وَيَحيى وَعيسى وَإِلياسَ كُلٌّ مِنَ الصّالِحينَ)،[٧] وفي أمر الله -تعالى- له: (يا يَحيى خُذِ الكِتابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيناهُ الحُكمَ صَبِيًّا)،[٨] وفي بشارة زكريا به، ومن ذلك قوله -تعالى-: (فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّـهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَىٰ مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّـهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ).[٩]


وأمّا في السنّة النبويّة؛ فقد رُوي عن النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- أنّه التقى بيحيى -عليه السّلام-: (ثُمَّ صَعِدَ حتَّى أَتَى السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ فَاسْتَفْتَحَ، قيلَ: مَن هذا؟ قالَ: جِبْرِيلُ قيلَ: ومَن معكَ؟ قالَ: مُحَمَّدٌ قيلَ: وقدْ أُرْسِلَ إلَيْهِ؟ قالَ: نَعَمْ، فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا يَحْيَى وعِيسَى وهُما ابْنَا خَالَةٍ، قالَ: هذا يَحْيَى وعِيسَى فَسَلِّمْ عليهمَا، فَسَلَّمْتُ فَرَدَّا، ثُمَّ قالَا: مَرْحَبًا بالأخِ الصَّالِحِ والنبيِّ الصَّالِحِ).[١٠]


المراجع

  1. سورة مريم، آية:2-6
  2. ابن كثير، البداية والنهاية، صفحة 47-49. بتصرّف.
  3. ^ أ ب أحمد أحمد غلوش، دعوة الرسل والأنبياء، صفحة 464-465. بتصرّف.
  4. سورة مريم، آية:7
  5. ^ أ ب النويري، كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب، صفحة 200-201. بتصرّف.
  6. سبط ابن الجوزي، مرآة الزمان في تواريخ الأعيان، صفحة 300. بتصرّف.
  7. سورة الأنعام، آية:85
  8. سورة مريم، آية:12
  9. سورة آل عمران، آية:39
  10. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن مالك بن صعصعة الأنصاري، الصفحة أو الرقم:3430، صحيح.