نبيّ الله هارون هو الأخ الأكبر لنبيّ الله موسى -عليهما السلام-، وكانا معًا في دعوة فرعون وبني إسرائيل؛ حيث ساند هارونُ موسى -عليهما السلام- في الدعوة، بعد أن سأل موسى اللهَ -تعالى- بأن يعينه على مهمَّة دعوة بأخيه هارون كما جاء في قول الله- تعالى- على لسان موسى: (وَاجعَل لي وَزيرًا مِن أَهلي* هارونَ أَخِي* اشدُد بِهِ أَزري* وَأَشرِكهُ في أَمري).[١][٢]


وقد امتاز نبي الله هارون -عليه السلام- في شخصيّته بجملةٍ من الصفات والخِصال التي تؤهّله ليحمل مع موسى أمانة الدعوة، ومساندته في ذلك، وفيما يأتي بيانٌ لأبرز صفات هارون -عليه السلام- التي استبطها العلماء من الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة التي جاءت على ذكره -عليه السلام-.


صفات هارون عليه السلام

صفات هارون الخُلقيَّة

أشارت بعض الآيات القرآنية إلى جملةٍ من الصفات الخُلقيَّةٍ التي تميّز بها هارون -عليه السلام-، وفيما يأتي ذكرٌ لأبرز هذه الصفات.


فصاحة اللسان

امتاز هارون -عليه السلام- بالبيان وفصاحة اللسان، وهي الخصلة والصّفة التي تفوّق بها على أخيه موسى -عليه السلام-، حتّى شهد موسى له بأنّه أفصح وأفضل بيانًا منه؛ لذا سأل موسى الله -تعالى- أن يرسل معه هارون؛ فهو بفصاحته وبيانه أقدر على الدعوة ومجادلة فرعون، وإقناع الاس، والردّ والدفاع عن موسى -عليه السلام- فيما قد يُتهم به من قِبل فرعون وقومه، جاء في قول الله -تعالى- على لسان موسى -عليه السلام-: (وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ)،[٣] وقال الله -تعالى- في موضعٍ آخر على لسان موسى: (وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ).[٤][٥]


الحكمة والاتزان وضبط الانفعال

فهم العلماء من الآيات الورادة في قصّة هارون -عليه السلام- مع بني إسرائيل، حين استخلفه موسى -عليه السلام- عليهم، وذهب لملاقاة الله -تعالى-، واستنتجوا تحلّي هارون -عليه السلام- بالحكمة والاتزان؛ وذلك في تعالمه مع بني إسرائيل الذي ما إن تركهم موسى -عليه السلام- حتى عبدوا العجل من بعده؛ فما كان من هارون -عليه السلام- إلّا أن احتوى الموقف بحكمةٍ وضبط نفسٍ؛ حتّى لا يتفرّق بنو إسرائيل ويتركوه ويتركوا دعوة موسى -عليه السلام- مطلقًا بعد أن استخلفه موسى عليهم، وأراد أن يتريّث حتّى عودة موسى لهم؛ حرصًا منه على اجتماع بني إسرائيل وعدم تفرّق كلمتهم، إلى أن يعود لهم موسى.[٦]


سدادة الرأي والإقناع

وظهر ذلك في ردّه على أخيه موسى -عليه السلام- حين عاد ورأى بني إسرائيل قد عبدوا العجل؛ فغضب موسى وعاتب هارونَ -عليهما السلام-؛ فكان ردّ هارون بأسلوبٍ ليِّنٍ، وبكلامٍ مقنعنٍ، أخبر به موسى عن سبب عدم محاربته لبني إسرائيل بعد أن عبدوا العجل، وأن غرضه من ذلك كان؛ ألّا يتفرّقوا، كما جاء في قول الله -تعالى- على لسان هارون -عليه السلام-: (إِنّي خَشيتُ أَن تَقولَ فَرَّقتَ بَينَ بَني إِسرائيلَ وَلَم تَرقُب قَولي).[٧][٥]


صفات هارون الجسديّة

أشارت بعض النصوص الشرعيَّة والروايات إلى بعض صفات هارون -عليه السلام- الخَلقيَّة والجسديّة، ومنها:[٥]

  • قوّة البنية والجسد: وقد استنتج العلماء هذه الصفة في هارون -عليه السلام-؛ من سؤال موسى -عليه السلام- لله -تعالى- أن يرسله معه إلى فرعون؛ لأنّه يخافهم بعد أن تركهم وفرّ إلى مدين بعد حادثة قتل الرجل المصريّ.
  • الهمّة والنشاط: فمن العلماء من ذكر أنّ اسمه هارون مشتقٌّ في العبريّة من النشاط، وهو ما تميّز به هارون -عليه السلام-؛ حيث كان نشيطًا في العبادة، وفي القيام بما عليه من مهام الدعوة.
  • طول اللحية: وفهم العلماء ذلك من قول الله -تعالى- على لسانه، حين قدم موسى -عليه السلام- وشدّه من لحيته حين عرف بعبادة بني إسرائيل للعجل: (قالَ يَا ابنَ أُمَّ لا تَأخُذ بِلِحيَتي وَلا بِرَأسي).[٧][٢]

المراجع

  1. سورة طه، آية:29-32
  2. ^ أ ب صالح المغامسي، تأملات قرآنية، صفحة 13. بتصرّف.
  3. سورة القصص، آية:34
  4. سورة الشعراء، آية:13
  5. ^ أ ب ت أحمد أحمد غلوش، دعوة الرسل عليهم السلام، صفحة 387-390. بتصرّف.
  6. صالح المغامسي، "موسى وهارون"، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 7/8/2022. بتصرّف.
  7. ^ أ ب سورة طه، آية:94